13 سبتمبر 2025

تسجيل

عين الحقيقة

11 ديسمبر 2015

إن أول معيار لفهم الحياة والعيش والسير نحو الطريق الصحيح وفهم الإنسان لإنسانيته هو الوعي بالذات التي هي نواة الإنسان وما يتغلغل في داخله من عواطف معقدة تتغير وتتشكل في كل لحظة والقدرة على التعاطف واستيعاب ما يدور وما يحدث من قصص تمر علينا في مشوار الحياة وهي تلك الثواني التي نعيشها والتي تشكل كتاب حياتنا الذي نكتبه في كل ثانيه دون قراءته وفهمه والنظر في مضمونه. عندما تسافر في سيارتك وتتعطل على الطريق لسبب لم تكن تتوقعه فإنك تغضب وتنزعج فأنت هنا لم تتعاطف مع نفسك ولم تفهم مضمون ما حدث ففي كتاب الحياة لا مجال للصدفة وكل شيء بقدر ولا تعلم هنا أي شر ذهب عنك وأي خير كتب لك فكل ثانيه في حياتنا تغير مجرى الحياة بالكامل. لست ممن يحب تتبع فلسفة الفلاسفة وتعاريفهم ونحن نملك أعظم التعاريف لمفهوم الإنسان وإنسانيته وحياته جمعها الله في القرآن وحقيقة الحياة نعرفها وندركها كلما تقدمنا في الحياة وكيف لا نعلمها ونحن نأخذ العلم ممن خلق الحياة وعلم الحياة له ظاهر وباطن وظاهره يختلف عن باطنه ومنا من يتبع الظاهر ومنا من يتبع الباطن لذا كان التفكر عبادة والتعلم عبادة والتذكر عبادة والحكمة هبة وهناك أمثال يضربها الله لعباده وهي بمثابة مفاتيح العلم التي من خلالها نقيس ونفهم ونفكر في معانيها ومضامينها (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون) فسورة يوسف قصة في ظاهرها ولكن في باطنها مفهوم الحياة ومفاتيح أسرارها وفي سورة البقرة عندما يقص الله علينا خلق آدم فظاهرها قصة الخلق وباطنها علمٌ لذات الانسان وأهميته.إن من أعظم المشكلات التي تواجه الفرد منا هو عجزنا عن فهم واقعنا وتحليل حياتنا فليس هناك عبث فكل واحد منا هو محور تغيير يؤثر ويتأثر ولكن المهم أن تبتعد عن طريق الظلمات من جهل وظلم وفساد اجتماعي وأخلاقي وتتبع طريق النور الذي يشمل الخير والعدل والحق فلن نشاهد الحياة بجمالها وحقيقتها إلا ونحن نسير على طريق النور الذي يجعلنا نرى بعين الحقيقة وعكس ذلك ظلمات يعيش صاحبها متسكعاً لا يرى إلا نفسه فيعيش نكرة ويموت نكرة. عندما أعود وأغوص في داخلي فلا أجد هماً إلا عندما تتصارع النفس في طلب ملذاتها فذاك الصراع يقتل الحياة ويعمي القلب عن جوانب السعادة ويجعلك حبيس صراع لا ينتهي بين الرغبة والقدرة والحلم والواقع والممكن والمأمول ولكن كل ذلك ينتهي ويصغر عندما يتدخل العقل الذي يستطيع تحييد النفس وصد ملذاتها لتتحول النفس إلى عواطف تعطف على صاحبها بعين الحكمة فتهديه سكينة تذوب في داخلها كل الانفعالات فتسقيك ماء الطمأنينة وذلك هو علم اليقين.