11 سبتمبر 2025

تسجيل

القطاع الحكومي ومخاطر بيئة العمل المكتبية

11 أكتوبر 2020

يعتبر القطاعان الحكومي والخاص بمثابة العمود الفقري للدول، فهما المكونان الرئيسيان للتنمية والتطوير، وهما المحرك الدافع لعجلة الاقتصاد إلى الأمام، وبشكل عام فإنه يمكن تقسيم القوى البشرية العاملة في هذين القطاعين إلى فئتين أساسيتين على حسب طبيعة عملهم، فهناك فئة الإداريين الذين يمارسون الأعمال المكتبية معظم الوقت وتشمل الإدارة العليا والموظفين، والفئة الثانية الفنيون أو الحرفيون أو العمال والذين يقومون بأعمال بدنية في مواقع العمل الخارجية، وكلتا الفئتين معرضتان لمخاطر قد تعرض صحتهم أو سلامتهم لخطر الإصابة أو الإيذاء البدني أو النفسي. في هذا المقال سأتحدث عن الصحة والسلامة المهنية في بيئة العمل المكتبية في القطاع الحكومي، والذي يعمل فيه اكثر من 160 ألف عامل وفقاً لبيانات النشرة السنوية للقوى العاملة الصادرة عن جهاز التخطيط والإحصاء لعام 2019، وتشكل هذه الأعداد مجموع العاملين في الوزارات والمؤسسات والشركات الحكومية، بدون أدنى شك أن هناك ظروفا وعوامل تؤثر أو يمكن أن تؤثر على صحة وسلامة الموظف أو الأشخاص المتواجدين في مكان العمل، لذلك سعت الكثير من الدول لحماية هؤلاء من خلال مجموعة من الإجراءات والقواعد لحمايتهم من خطر الإصابة والمحافظة على الممتلكات من خطر الضياع والتلف في بيئة العمل المكتبية. وكما ذكرت في مقالي السابق بأنه لا توجد لجان أو إدارات متخصصة في وضع الخطط والتدابير والإشراف على تطبيق إجراءات واحتياطات الصحة والسلامة المهنية في العديد من القطاعات الحكومية، بالرغم من أن مجلس الوزراء الموقر أصدر في فبراير 2011 قراراً بإنشاء لجنة تُسمى "اللجنة الوطنية للسلامة والصحة المهنيتين" بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، تُشكل برئاسة وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وممثل عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية نائباً للرئيس، وعضوية ممثلين من عدد من الوزارات في الدولة، كالداخلية ووزارة البلدية والبيئة ووزارة الصحة وقطر للبترول وغيرهم، وقد نصت المادة الثالثة من القرار على اختصاصات هذه اللجنة والتي من ضمنها، اقتراح سياسة وطنية وبرنامج ونظام وطني للسلامة والصحة المهنيتين، واقتراح ومراجعة لوائح وقواعد السلامة والصحة المهنيتين على مستوى الدولة، بالإضافة إلى اقتراح آليات تنفيذ القوانين واللوائح والقرارات المتعلقة بالسلامة والصحة المهنيتين، ولا شك أن هذه اللجنة قامت بدورها إلى حد ما في العمل على وضع سياسات وبرامج أو حتى نظام للصحة والسلامة المهنية، ولكن في وجهة نظري ما زال هناك الكثير أمامها لتنجزه. فبيئة العمل المكتبية أو الإدارية في القطاع الحكومي ما زالت بدون منهجية واضحة في إدارة الصحة والسلامة المهنية، فمثلاً لا توجد قوائم تدقيق لتحديد المخاطر المتعلقة بالصحة والسلامة في بيئة العمل المكتبية، وهي دليل استرشادي لرصد المخاطر المحتملة في بيئة العمل المكتبية وتحتوي على مجموعة أسئلة تدور في عمومها حول مدى سلامة مكان العمل للموظف، بحيث يوفر له بيئة صحية آمنة تسهل قيامه بمهامه اليومية، وتعتبر من أهم الإجراءات التي تساعد الموظفين على العمل في بيئة صحية وسليمة، كما تعمل على رفع الوعي بقضايا الصحة والسلامة المهنية، مما يساهم في بناء قدرات وكفاءات الموظفين لتحقيق التميز والاستدامة. ولتطبيق نظام إدارة متكامل للصحة والسلامة المهنية في بيئة العمل المكتبية لابد أن تمر المنهجية بمراحل مهمة، أولاها وضع الأهداف وجمع المعلومات وتقييمها ومن ثم التخطيط ووضع الإستراتيجيات للتنفيذ، وبعد ذلك تأتي مرحلة التطبيق والمراقبة والإشراف، ويجب القيام بالفحص والتدقيق من خلال تعليقات وملاحظات المستخدمين، وأخيرا إجراء الضبط والتحسين على الخطط والبرامج. في الختام أرجو من اللجنة الوطنية للسلامة والصحة المهنيتين أن تقوم بإعداد وإصدار دليل استرشادي في مواقع العمل المكتبية، وذلك لأهمية هذا الأمر في توفير بيئة عمل صحية وآمنة لضمان سلامة الموظفين والمراجعين وفقاً لمعايير الصحة والسلامة المهنية الدولية في بيئة العمل.