13 سبتمبر 2025
تسجيلمنذ بدء حصار الشعب القطري في يونيه 2017 من قِبل " الأشقاء" ، لم نشأ أن ندخل في سجالات صحفية مع أي من الإخوة في دول الحصار أوغيرها، رغم ما نال بلادنا ورموزها من تطاول غير أخلاقي، لا ينمّ عن السويَّة التي يجب أن يتصف بها أي صاحب قلم. وكانت مبادئ القيادة في بلادنا نُصبَ أعيننا من حيث اختيار العبارات السامية والأفكار الموضوعية للدفاع عن موقف بلادنا جراء الحصار غير المُبرر. كما أننا ابتعدنا عن " الشخصنة" التي دوماً تُخرج الخطابَ الإعلامي عن مواضعه وقيمته.ولكن المقابلة التي ظهر فيها الكاتب الكويتي فؤاد الهاشم على قناة البلد، وهجومه السافر على دولة قطر ورموزها والشعب القطري بأكمله، واستخدامه لغة الوعيد والتهديد والتحريض، كل ذلك يدفعنا إلى العتب على الكاتب كونه من بلد نحبه ونحب أهله وقيادته، وهو بلد الحريات والتسامح ولغة الحوار الراقية، وبلد الإعلام والثقافة والفن. كما أننا نعتب على الكاتب كوننا نقرأ له منذ سنين، ولئن كانت للكاتب بعض المشاكل القانونية مع شخصيات قطرية دخلت ساحات القضاء، وقال فيها القضاء كلمته، فلا يجوز له أن يُقحم الشعبَ القطري في تلك المشاكل، والتعرّض للحالة الأمنية في قطر بمثل ذاك الهجوم والتحليل الذي خرج عن الدقة والموضوعية، ليدخل في دائرة التدخل السافر في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة، ويصف دولة قطر بأنها "لقيطة"، أو أن يدخُل في نطاق الاستهزاء بحجم مساحة قطر وعدد سكانها! فسنغافورة مساحتها حوالي 700 كيلومتر مربع، إلا أنها تحتضن أكبر ميناء في جنوب شرقي آسيا، وهي رابع مركز مالي في العالم، وأسرع دولة في النمو الاقتصادي (17.9%) عام 2010. لذا ، فإن مساحة دولة قطر أو عدد سكانها ليست بمثلبة أو "عيب" يعلنهُ الكاتب فؤاد الهاشم، في الوقت الذي يتصدى أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد للَملَمةِ الجُرح الخليجي، محاولاً إيجاد حلول لحصار الشعب القطري.كما أوغلَ السيد فؤاد الهاشم في اتهامه لدولة قطر بأنها وراء القلاقل في مملكة البحرين، ووراء المحاولة الانقلابية في دولة الكويت! حيث يقول: " لدينا الأدلة بالمطلق وأشرطة عن تورط قطر بالانقلاب المُدبر في الكويت، وشهدنا وصول رؤساء تحرير الصحف القطرية إلى منازل المعارضة، ودعم المعارضة بالمال القطري حدث ولا حرج.." كما اتهم الوزراء الكويتيين بأنهم " قطريو الهوى" و " حَمَدييَّ المذهب"، وقال: " إن ثلث الوزراء في الكويت مع قطر، ووصل به الأمر ليتهمَ وزير خارجية بلاده بأنه مع (القطريين) ، مشيراً إلى أنه " تم تجميد وزير الخارجية الكويتي"..وأن " القطريين استخدموا المال والوعود في حال وصول ربيع عربي لأي بلد". ومن المؤسف أن يتهم الكاتب فؤاد الهاشم رموزَ بلاده بهذه الاتهامات غير المنطقية وغير اللائقة بمكانة دولة الكويت وحضورها الدبلوماسي على المستوى الدولي، وثقة دول العالم بدور دولة الكويت في الكثير من مناطق العالم، وتقديمها يد المساعدة في محن كثير من دول العالم؛ وكذلك اختيار دولة الكويت مركزاً للعمل الإنساني! وتلك الاتهامات التي صاغها السيد الهاشم بحق بلده ورموزها تضعه في مواجهة مع القضاء!.تحدث السيد فؤاد الهاشم عن غزو الكويت ، ووقوف الدول الأربع ( دول الحصار) مع الشعب الكويتي ، وتجاهلَ - عن قصد - ذِكرَ دولة قطر، ولكأنه لم يسمع عن منطقة اسمها (الخفجي) في المملكة العربية السعودية، ودور القوات المسلحة القطرية في صد هجوم العراقيين عن السعودية، بعد أن تجاوزوا حدود دولة الكويت؟ كما أنه تجاهل موقف دولة قطر سواء في داخل التحالف الدولي لتحرير دولة الكويت، أم في الأمم المتحدة، أم في تلك العلاقة الحميمية التلقائية التي ربطت الإخوة الكويتيين بالقطريين إبان أزمة الغزو، وأيضاً نسيَ ما قام به الإعلاميون القطريون والفنانون من دور في التنديد بالغزو والمطالبة بتحرير الكويت وعودة الشرعية إليها. في مقابل الشواهد التاريخية لمواقف دولة قطر النبيلة يقول السيد فؤاد الهاشم :" الشعب القطري اهتماماته لاند كروزر وطير وجمل"!؟ وهذا تعميم لا يجوز أن يصدر من كاتب يفاخر بأنه يكتب من أربعين عاماً! كما أن الشعب القطري أثبت للعالم أصالته ومنجزاته في العديد من المحافل الدولية، وكيف أنه أنشأ دولته الحديثة وأحسَن إدارتها. هذا الشعب أكبر من تلك النعوت الجائرة التي قالها الكاتب في حالة " نشوة" خالجتها روحُ تشفٍّ ورائحة انتقام لا نعرف أسبابها، سوى أنه خسر قضايا قانونية ضد مواطن قطري!؟كما تطاول السيد فؤاد الهاشم على مقام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى عندما قال إنه تلقى معلومات من داخل قطر تشير إلى أن سمو الأمير " يُسرِّبُ معلومات لتكثيف الهجوم من قبل الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، ضد الحَمَدين"، ويقصد بهما سمو الأمير الوالد والشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء وزير الخارجية السابق. وتطاول الكاتب من جديد على تلك الرموز بلغة وكلمات نترفّع عن ذكرها في هذا المقام، احتراماً للقارئ الكريم.كما تجاوزَ الكاتبُ الحقيقةَ في تلك المقابلة عندما قال:" إن القطريين يعيشون تحت ظلم واحتلال، لأن الجيش تسيطر عليه الاستخبارات الإيرانية والتركية، والحرس الأميري فيه المرتزقة والأفارقة ، وكبار أفراد العائلة الحاكمة عليهم ديون تدفعها الدولة لكسب ودِّهم ".كلمات واتهامات جانبت الحقيقة، ولا نعلم ما هي الفائدة التي تعود على المشاهد من إيراد مثل هذه الاتهامات والأكاذيب التي لا أساس لها من الصحة؟. وكأن الكاتب لا يعلم أن الشعب القطري – رغم الحصار- يعيش أحلى أيامه ، ولم تؤثر فيه تبعات الحصار، ولا الإعلام المزيف، وأن هذا الشعب الذي وقف مع قيادته يجب أن يصفق له ويدعمه، بدلاً من أن يقذف عليه تلك الاتهامات. نحن ندرك أن الشعب الكويتي الكريم يقف مع الشعب القطري، وأن الرموز السياسية التي تحترم نفسها أعلنت وجاهرت بموقفها من ظلم وجور الحصار الذي لا يجوز ضد الأشقاء ، كما أن الكتاب الكويتيين الشرفاء لم ينزلقوا إلى المهاوي التي وصل إليها قلم الكاتب فؤاد الهاشم.ومن المؤسف أن ينعت السيد الهاشم دولة قطر ذات السيادة والانتماء العربي والإسلامي وهي عضو في مجلس التعاون ، ومدافعة واضحة عن حقوق الشعب الفلسطيني ، بأنها " إسرائيل الخليج الصغيرة"، وهذا القول في عُرف العقلاء " عيب" وبعيد عن " السنع" الخليجي والعربي! لأن إسرائيل، مهما تقارب معها العرب، خصوصاً في ظل " الهرولة" الحالية لها من قبل دول الحصار، تبقى عدوةً تغتصب أرضاً عربية وتُنكل بشعب عربي يقاوم من أجل استرداد حقوقه، ولا يجوز نعت بلد عربي بهذا النعت المخالف للقيم والحقيقة والتاريخ. وهذا الكلام أيضاً يضع الكاتب الهاشم في مواجهة مع القضاء!؟ولجأ السيد الهاشم إلى خطة التحرك نحو (البيان رقم واحد) في " إسقاط النظام في قطر" عبر تشكيل حكومة في المنفى وتعيين سفراء قطريين في الدول المحاصِرة، ويدعو الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني إلى مؤتمر شعبي في (جدة) ليُلم القطريين مع قيادتهم الجديدة في المنفى، وبالتالي سحب شرعية حكومة الدوحة"!عند هذا الكلام توقفت عن متابعة المقابلة ، لأنها (كلام فارغ) يناقض واقع الحال، ويتقاطع مع المنطق، ويتجاهل موقف شعب كامل مع قيادته ، ولكأننا نعيش عصر " الإنكشارية" الفوضوية ، أو أننا نشاهد مسرحية " على هامان يا فرعون" للفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج.نحن لا نتوقع أن يصل حقد البعض، ومنهم السيد فؤاد الهاشم، على دولة قطر وعلى شعب قطر إلى هذا الحد!!. وأن يتم استخدام عبارات وأفكار لم يتعودها المجتمعُ الخليجي ، وإن ظهرت في الإعلام " الفالت" لبعض الدول العربية ! كما أننا نستغرب من عبارات "الهاشم" المُتجنية على كل الشرائع الإنسانية وقيم الإعلام والعلاقات الأخوية بين الشعب القطري والشعب الكويتي!؟ في الوقت الذي يتحمَّل سموُ أمير دولة الكويت عناءَ السفر والتنقل بين العواصم الخليجية مروراً بالولايات المتحدة، من أجل إيجاد حل لفك الحصار عن الشعب القطري.نقول أخيراً للسيد فؤاد الهاشم، ودون تشنج وبكل هدوء، لا يا فؤاد الهاشم، قطر خط أحمر، يخطه القطريون بدمائهم! فلا تحاول أن تقترب من هذا الخط، ولا تحاول "التصيّد" في الماء العكر من أجل مصالح شخصية.