12 سبتمبر 2025
تسجيلأغمض عينيك ترى الدنيا.. والبشر،أذكر أنني قرأت هذة الجملة في إحدى المجلات، وكنت أحاول أن أفهمها او أكشف الحقيقة التي وراءها، فكيف يستطيع من يغمض عينيه أن يرى بوضوح، إنها في الواقع أغمض عينيك، وافتح أبواب ذاكرتك. فكل البشر الذين مروا بحياتنا، وكل المواقف التي مرت وتمر بنا، هي حصيلة كبيرة لما هو مفترض بعدها أن نخلق به لنا نهجا جديدا في أيامنا القادمة، بما يتناسب مع نتائج كل تلك المواقف. التقيت مصادفة منذ فترة مع صديقة قديمة، ممن حالت ظروف الحياة ومشاغلها دون استمرار لقاءاتنا، وممن كنت أحب أن أتبادل معها الأحاديث والضحك بسبب نوعية شخصيتها التي تتميز بالبساطة والطيبة، فوجدت أن حديثها أصبح فيه الكثير من المرارة والشكوى والألم، والأسف على عطائها لمن جحد به، وعلى اهتمامها بمن أهملها، وعلى صدمتها ممن وثقت فيه، وعلى استمرار احترامها لمن لا يستحق، ووجدت نفسي وأنا أحاول التخفيف عنها وبأن الحياة لا تخلو من هذه المنغصات، ومن أشباه هؤلاء الناس، وحاولت أن أستفز في ذاكرتها بعضا من ذكرياتنا السابقة علني أجعلها تضحك بقوة، وتبسط وجهها عن ذلك الوجوم الذي كان عليه. لكنني وما ان تركتها حتى شعرت بتأثر كبير لما قالته، وربما أيضا لأنها أعادت بكلماتها أمامي وجوه البعض ممن لا ترحب ذاكرتي بهم، وممن شعرت بنفس الألم منهم..فهل يحتاج الإنسان أحيانا بين فترة وأخرى أن يغمض عينيه ليرى الدنيا والبشر على حقيقتهم؟ إنه استعراض مطول ودقيق لمواقفهم في حياتنا وتجاربنا معهم، نستطيع من خلاله أن نكتشف كم من المرات قد وقعنا في نفس الأخطاء؟ وكم أعدنا تكرار ما تألمنا بعده؟ وكيف لم نتعلم مما حدث في حياتنا؟ استعراض نستطيع بعده أن نرى الناس أوضح، وأن نضع من حولنا في مراتبهم التي يستحقونها بالنسبة إلينا، نبتعد عمن نبتعد، ونقترب ممن نقترب، ونتعلم ألا نعطي البعض ممن مروا في حياتنا حجما أكبر من ذلك الحجم الذي أعطوه لنا في حياتهم. ونتعلم أيضا أن نلتفت ونعدل مرتبة من وضعناهم في هامش اهتماماتنا، وأغفلنا أدوارهم العظيمة في حياتنا، ولا ننسى أن نتغاضى ونغفر عمن نستشعر أسفه وندمه على جرحنا. دقائق قليلة ليس إلا تجعلنا بعدها نستطيع أن نفرق بين الخيوط البيضاء والخيوط السوداء ولا نقبل بالرمادية، نستطيع أن نرى كل الألوان بوضوح، ونسجل تقييمنا الجديد في خانتين، إما الوصل وإما الإسقاط، نصل من يستحق، ونطرح من حياتنا البعض كي لا نسمح لهم مجددا بأن يخطفوا ضحكاتنا وحيويتنا ويستبدلوها بابتسامات ألم، وقد نضطر أحيانا أيضا أن نسقط بكل سهولة من اعتبارنا واهتمامنا من أجبرتنا الحياة على أن نعيش معهم. إنها الفرصة الأخرى التي نعطيها لعقولنا كي تعي وتفهم وتقرر، وتقودنا للشعور بالقوة، وعدم الشعور بالضعف ثانية..لنكف عن الوقوع في نفس الأخطاء مع نفس البشر، وتكبد نفس الآلام من نفس البشر.. لنغمض عيوننا قليلا، ونبدأ في استعراض شريط الأحداث، ونحدق فيه بقوة، لنرى الحقيقة، حقيقة الدنيا والبشر، وبعدها.. نقرر. [email protected]