21 سبتمبر 2025

تسجيل

هل قرار مجلس الوزراء هو نفسه القرار الوزاري؟

11 سبتمبر 2023

يعتبر التشريع الأداة المنظمة لحياة المجتمع في الوقت المعاصر، فهو مجموع القواعد القانونية الصادرة عن السلطة المختصة في الدولة، وتتعدد أنواعه بتعدد الجهات المسؤولة عن إصداره، وتختلف قوته الإلزامية بحسب الدرجة التي يحتلها داخل المجتمع، فإذا كان الدستور هو التشريع الأساسي الذي ينظم الحقوق والواجبات واختصاص السلطات، والتشريع العادي هو الذي يصدر عن مجلس الشورى، فهنالك تشريعات فرعية تصدرها سلطات غير مختصة مبدئيا في تشريع القوانين، لكن تمنح لها صلاحية إصدار تشريعات تتفرع عن القوانين العادية، وذلك من أجل تنظيم بعض المجالات وتفسير كيفية تنفيذ بعض النصوص التشريعية، ومن بين تلك التشريعات نجد القرارات التي تصدر عن الوزراء، والتي تختلف أنواعها والأهداف المتوخاة من إقرارها، مثل قرار مجلس الوزراء والقرار الوزاري. للوهلة الأولى قد يبدو أن الأمر يتعلق بنوع واحد من التشريع، وهو تشريع صادر عن جهة وزارية، لكن في حقيقة الأمر يختلف التشريعان عن بعضهما، وفي التدرج الذي وضعهما في الدستور، فالقرارات التي يصدرها مجلس الوزراء تحتل في السلم التدريجي للتشريعات مكانة أعلى من القرارات الوزارية. تصدر قرارات مجلس الوزراء عن اجتماع الهيئة التنفيذية مكونة من جميع وزراء البلاد برئاسة رئيس الوزراء، باعتباره كيانا مستقلا عن كيانات المسؤولين الوزاريين، فمجلس الوزراء أناط به الدستور الدائم للدولة مهمة إصدار قرارات تتعلق بمجالات تخص بالأساس اقتراح مشاريع قوانين ومراسيم، اعتماد اللوائح والقرارات التي تعدها الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى، الإشراف على تنفيذ القوانين والمراسيم واللوائح والقرارات، اقتراح إنشاء الأجهزة الحكومية وتنظيمها، الرقابة العليا على سير النظام الحكومي، تعيين الموظفين وعزلهم في حالات معينة، رسم القواعد العامة للأمن الداخلي والمحافظة على النظام، إدارة مالية الدولة ووضع مشاريع الموازنة العامة، اعتماد المشروعات الاقتصادية، الإشراف على طرق رعاية مصالح الدولة في الخارج، إعداد تقارير مالية سنوية، وغير ذلك من الاختصاصات التي تدخل في إطار تسيير الشأن العام حسب ما يخوله الدستور الدائم للدولة. ومن أمثلة قرارات مجلس الوزراء قرار مجلس الوزراء رقم 9 لسنة 2018 بنزع ملكية بعض العقارات للمنفعة العامة، وقرار مجلس الوزراء رقم 10 لسنة 2018 بتشكيل لجنة قبول المحامين. أما القرار الوزاري فهو يتدرج في مكانة أدنى من قرار مجلس الوزراء، لأنه وإن كان يصدر في نفس الإطار من حيث تنظيم الشأن التنفيذي داخل البلاد، إلا أنه يصدر عن جهة وزارية واحدة، بمعنى أنه يصدر عن وزير واحد في حدود اختصاصه ضمن شؤون الوزارة التي يديرها وفقا لأحكام القانون. وقد حدد القانون رقم 21 لسنة 2004 بشأن الوزراء القرارات التي يصدرها الوزير في حدود سلطته، واشترط أن تختص بتنفيذ نشاط الوزارة وتنفيذ التشريعات المتعلقة بها، فالقرار الوزاري يتعلق بتحديد رسوم الخدمات التي تؤديها الوزارة أو تعديلها أو إلغائها أو الإعفاء منها، وكذلك تعيين الموظفين في الوزارة، ومن أمثلة القرارات الوزارية قرار وزير التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية رقم 11 لسنة 2020 بإنشاء أقسام في الوحدات الإدارية التي تتألف منها الوزارة. ومن هذا المنطلق فإن التشريعين وإن كانا يشتركان في كونهما يصدران من أجل تنفيذ السياسة الوزارية داخل الدولة، إلا أن المكانية التراتبية داخل المنظومة التشريعية لكل منهما تختلف، وذلك ما يترتب عنه آثار قانونية ملزمة، مثل الحالة التي يوجد فيها تناقض بين قرار مجلس الوزراء والقرار الوزاري، فعندئذ يتم تنفيذ قرار مجلس الوزراء لأنه أعلى مكانة وأقوى أثرا من القرار الوزاري.