10 سبتمبر 2025

تسجيل

صناعة النجوم في قطر

11 سبتمبر 2018

 سنوات ونحن نصنع نجوماً في دول أخرى، ولما جاء الوقت، انقلبوا علينا  يجب أن يتغير مفهوم الدعم لدى كل مسؤول، مستفيدين من تجربة الحصار لا يختلف إثنان على أن رسولنا الحبيب محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا في حياتنا بأكملها، على نهجه نسير وبهديه نهتدي، ومع تطور الزمن ومرور الوقت بات لكل زمان رموزه المؤثرين فيه، وصلت ببعضهم لمرحلة القداسة، بينما حافظ البعض على صورتهم كمغيرين وقدوات في زمانهم، ولا ينطبق ذلك على المجال الديني فقط، بل ينسحب على المجال السياسي أيضاً، فمن كان يجرؤ حتى وقت قريب أن يمس "الزعيم" جمال عبدالناصر بكلمة، أو أن يقول عنه سوء فعله، أو يوضح للناس كيف كانت فترة حكمه بداية من خيانة أصدقاء الثورة وليس نهاية بتدمير وتمزيق الصف العربي والوطن المصري الكبير. ومع تعدد المجالات وظهور وسائل الإعلام الحديثة طرأت على العالم صناعة جديدة، هي صناعة النجوم، صنعها رجال التسويق لعدة أهداف منها الدعاية ومنها التأثير ومنها التضليل، لكنها تطورت كثيراً حتى بات بعض النجوم قدوات وقادة للرأي العام. فعلى سبيل المثال لا الحصر كانت تجربة زواج اللاعب الأشهر ديفيد بيكهام من مطربة سبايس غيرلز فيكتوريا أدامز فرصة تسويقية لا تعوض في بريطاينا للترويج لمؤسسة الزواج بين الشباب وصناعة هذا النموذج كنموذج أمثل يجب اتباعه بعد انتشار الولادة خارج إطار الزوجية وتأخر سن الزواج لدى الشباب. كما استخدم الكثير من الساسة الكثير من النجوم في شتى المجالات للتأثير على الرأي العام أو لتسويق فكرة ما، فليس بالبعيد كيف أن النظام المصري البائد بقيادة حسني مبارك استخدم كثيراً أهل الفن والرياضة حتى أيامه الأخيرة للتأثير على الشارع المصري، وهو ما يفعله أسوأ خلف لأسوأ سلف عبدالفتاح السيسي حالياً. ولو نظرنا حولنا لوجدنا أن المملكة العربية السعودية أسست على استخدام المكانة الدينية للشيخ محمد بن عبدالوهاب، والتي كانت حركته مع ابن سعود قائمة على أن يترك الدين له والسياسة لابن سعود، ومع تطور الأيام والأحداث وجدت الحكومة السعودية أن الدين وشيوخه هم الأكثر تأثيراً في المجتمع فصنعت ما تريد من شيوخ دين متشددين خدموا مرحلة معينة في تاريخ الدولة السعودية لكنهم في نفس الوقت كانوا قادرين على التلون والتبدل متى ما شاءت الإرادة السياسية ذلك، وصولاً إلى صناعة مجموعة من الأشخاص غريبي الأطوار حالياً وتصدريهم للمشهد بفتاوى غريبة وكلام أقرب للتحلل والتحرر منه إلى الدين الصحيح. ولا يمكن ونحن نسرد ذلك أن ننكر أن قطر وإعلامها وأهلها مثلهم مثل كل الدول العربية ساهمت في الترويج لبعض النماذج المتلونة بحسن نية، كما روجت للنماذج الحقيقية، فهذا الشيخ سلمان العودة كان محل تقدير ومكانة في قطر من كل مؤسساتها وأهلها، وهو يستحق هذه المكانة وأكثر، وكذلك كان عائض القرني الذي صال وجال في دول عربية كثيرة وبين جماهيرها "رغم علم" الكثير من المؤسسات التي كانت تستضيفه أنه أحد أشهر السارقين في المجال الأدبي في السعودية. ومع تفجر أزمة حصار قطر، وجدنا كيف أن السعودية استخدمت كثيرا ممن كانوا محل ترحيب في بلادنا وعند أهلها "وهو شيء لا نندم عليه فهذه هي أخلاقنا" في أن ينقلبوا علينا ويسيء كل منهم لبلادنا وقادتها وأهلها سواء كان ذلك على المستوى الديني أو الرياضي أو الفني أو غيره. وهذا أمر يدفعنا للسؤال: متى نصنع نجومنا في قطر؟ إن صناعة النجوم يجب أن تكون منهاجاً حكومياً ومؤسساتيا وشعبياً، وقد لاحظنا في الفترة الأخيرة دعم بعض المؤسسات للمؤثرين في وسائل التواصل الإجتماعي بالمشاركة في التغطيات والفعاليات، وهذا أمر محمود يشكرون عليه، لكننا نتطلع لما هو أكبر من ذلك، لا يجب أن يكون أفقنا ضيقاً وينغلق تفكيرنا في الإطار المحلي، يجب أن يكون لدينا مؤثرون في كل المجالات يمتد تأثيرهم لكل الوطن العربي والعالم. وهنا لا أتحدث عن صناعة نجوم لاستخدامهم في وقت لاحق لأغراض سياسية أو غيرها، بل لأننا مجتمع يجب أن يبرز أبناؤه بكافة اختلافاتهم الفكرية، ومجالاتهم الفنية، يجب أن ندعم السياسي وشيخ الدين والفنان والرياضي والإعلامي والإقتصادي، يجب أن يكون لأبنائنا فرصة الحضور في كل محفل دولي، يجب أن لا يشارك أي مسؤول قطري أو شركة قطرية في أي حدث دولي دون أن نشترط أن يكون أحد المتحدثين من قطر، يجب أن لا نفوت أي حدث دولي في أي مجال دون أن نرسل أبناءنا للمشاركة كمتحدثين وكحاضرين متفاعلين مع بيئتهم العملية. ثم إن سياحة المؤتمرات الي اشتهرت بها قطر يجب أن تعود، ولكن بفكر مختلف وشكل مختلف، أساسها التسويق لاسم قطر والترويج لكل ما فيها بداية من أبنائها وليس نهاية بسياحتها، يجب أن تكون هناك مؤسسة إعلام وتسويق تدير كل العملية الإعلامية في الفعاليات الكبرى في الدولة. لدينا في قطر نجوم في كل المجالات، يجد البعض منهم نفسه يعمل في مجال مختلف عن المجال الذي يبدع فيه، ويجد البعض الآخر إهمالاً لأن المؤسسات والمسؤولين يركزون على البعض دون الكل، وهذا أمر يجب أن نقوم بتغييره. رسالتي لكل مسؤول قطر: "أنه يجب أن لا ينتظر من المواطن أن يصبح نجماً ليخدم مؤسسته، بل عليه أن يساهم في خدمة الوطن بأن يصنع من كل من يستحق نجماً يخدم وطنه".