16 سبتمبر 2025

تسجيل

ضغوط عالمية على البنوك العربية

11 سبتمبر 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أعد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وصندوق النقد العربي تقريرا مشتركا حول تداعيات إجراءات البنوك المراسلة العالمية، بتقليص أو قطع خدمات المراسلة مع المصارف العربية خلال السنوات الأربع الماضية (2012 – 2015)، حيث ذكر 40% من 216 مصرفا عربيا يعملون في 7 بلدان، أنهم تأثروا بصورة كبيرة من تلك الإجراءات وأن معظمها جاء من البنوك الأمريكية والبريطانية والألمانية وأن أغلب تلك الإجراءات طالت فتح الاعتمادات المستندية والتمويل التجاري والتحويلات المالية الأمر الذي أثر بشكل مباشر على قدرة البنوك العربية في تقديم بعض الخدمات ومن إجراء معاملات بالعملات الأجنبية. وتأتي إجراءات البنوك الأوروبية والأمريكية بتقليص علاقات المراسلة مع بنوك العالم النامي بصورة خاصة على إثر تعرض العديد منها لغرامات المالية باهظة. فعلى سبيل المثال غرمت الولايات المتحدة مصرف بي إن بي باريبا الفرنسي 8.9 مليار دولار أمريكي نتيجة مخالفته الحظر الأمريكي المفروض على كوبا وإيران والسودان. وبلغ مجموع قيمة العقوبات التي فرضتها البنوك المركزية على بنوك في العالم في قضايا مثل التلاعب في أسواق العملات وأسعار الفائدة والتهرب من العقوبات وإساءة استخدام المعلومات السرية إلى أكثر من 150 مليار دولار منذ العام 2009.وقد أثارت هذه العقوبات مخاوف لدى جميع بنوك العالم من التعامل مع بنوك متورطة في خرق هذه العقوبات مما يعرضها للعقوبات هي الأخرى بسبب ضعف إجراءات التحقق والامتثال لديها. ومن ثم قامت الكثير من البنوك بقطع علاقات المراسلة مع البنوك الصغيرة أو المتوسطة الحجم أو التي تعمل في مناطق خطرة خشية من تورطها، حتى دون عملها، في علاقات عمل مع كيانات محظورة. وقد تم الإعلان عن قيام أكثر من 35 مصرفا عالميا بإغلاق عشرات الآلاف من حسابات البنوك المراسلة والتي تعتبر عالية المخاطر وهم يرون أن الصعوبات والتكاليف المرتبطة بالتدقيق على حسابات المراسلة تفوق بكثير الأرباح الصغيرة التي يمكن أن تتولد منها. ولذلك، فإن المصارف العربية باتت تواجه تحديات متزايدة على أكثر من صعيد وهي مطالبة بالإسراع في وضع إطار لإدارة مخاطر العقوبات يتضمن اعتماد سياسة مكتوبة ومعتمدة للعقوبات وتطوير عمليات وإجراءات مكتوبة لتسهيل التنفيذ السليم لهذه السياسة. كذلك فإنها مطالبة بوضع وتنفيذ نظام دقيق للفحص وذلك من أجل عمل فحص للعملاء والمعاملات وتوفير التدريب الشامل على كافة المسائل المتعلقة بالعقوبات سواء وتأسيس وظيفة مستقلة للامتثال مدعمة بكفاءات بشرية وموارد فنية ومالية ملائمة.كما يجب على المصارف المركزية العربية أن لا تكتفي بإصدار تعليمات الامتثال للعقوبات الدولية ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بل يتوجب التدخل لدعم المصارف وخاصة الصغيرة والمتوسطة، وهي التي تمثل الفئة الأكبر من المصارف العربية فيما يخص تملك المهارات الفنية والأنظمة التقنية واكتساب التدريب والخبرة والدراية في هذا المجال. كما يمكنها أن تعمل على تأسيس شبكة وطنية تعمم على كافة البنوك فيما يخص الجزاءات والعقوبات. وتبرز أهمية هذه الخطوات بصورة خاصة بالنظر للأوضاع السياسية والاقتصادية العربية الراهنة. أخيرا، من المفيد أن نشير هنا إلى مقال كتبته السيدة مينوش شفيق إحدى القيادات المسئولة في بنك إنجلترا أشارت فيه بوضوح إلى أنه وعوضا من أن تقع البنوك الصغيرة في العالم النامي ضحية لهذه الإجراءات، على البنوك المركزية في الدول المتقدمة أن تشدد العقوبات ليس على المؤسسة المالية التي تنتهك الممارسات السليمة ككل، بل على الأفراد الذين كانوا مسئولين عن المخالفات. لأن تلك العقوبات تلحق الضرر بالمساهمين في هذه المؤسسات رغم أنهم في غالب الأحيان بعيدون عن الإدارة اليومية لهذه المؤسسات.. كما أن الاحتمال المرجح في حال فرض العقوبات على المؤسسة ككل أن يقوم المسؤولون في هذه المؤسسة بالتعامل مع الغرامات بكونها مجرد كلفة أخرى لمزاولة أعمالهم وبالإمكان استيعابها ضمن المصاريف الأخرى التي سوف تحمل على حساب الدخل، وهو يعني تمريرها على حساب المساهمين وأصحاب المصلحة الآخرين. علاوة على ذلك، فإن للغرامات أضرارا على الاقتصاد الكلي، لأنها تعني من الناحية الفعلية تقليل القدرة التمويلية للمؤسسة المالية الواقعة تحت الغرامات أو العقوبات. ويقترح المقال عوضا عن ذلك عمل سجل قانوني بأسماء المسؤولين والموظفين في غرف التعاملات والخزانة مع تدوين معلومات كافية عنهم لتبادلها بين البنوك بما يمنع تنقل الموظفين من ذوي السجل المهني السيئ من شركة واحدة إلى أخرى. كما تقترح فرض عقوبات أشد على الأفراد المخالفين من خلال وضع تشريعات تغطي جرائم خرق العقوبات والتصرفات المسيئة في الأسواق المالية، حيث تصل عقوبة السجن القصوى للجريمة الواحدة في المملكة المتحدة إلى 10 سنوات.