27 أكتوبر 2025
تسجيلأول وآخر مرة زرت فيها ماليزيا كان في عام 1982م في رحلة تعليمية ترفيهية مع طلبة جامعة قطر وكنت من المعجبين بتجربة هذه الدولة العريقة ونظامها السياسي الذي يوحد ملايين البشر من ذوي الأعراق والديانات المتعددة، مع ما حباها الله من طبيعة خلابة ومناطق متنوعة تحكي كل منها عالما من الحضارات المتباعدة والمتشابكة ولدينا معلومات عن واقع هذا البلد فقد كانت ماليزيا منذ القدم ملتقى للعديد من الحضارات والشعوب، فكانت ملتقى للتجار الهنود والصينيين الذين كانوا يقومون بالرحلات التجارية البحرية . الآن أنا في ربوع ماليزيا في إجازة سياحية مع عائلتي الصغيرة، ووجدت في عيونهم الفرحة والسعادة والاندهاش لهذه المناطق التي زاروها والتي تختلف كل منطقة عن الأخرى بجبالها التي يكسوها الخضار والأشجار وبمناخها الممطر والمشمس والرطب والبارد الذي صادفنا خلال مرورنا بتلك المناطق، المعروف أنه يسود ماليزيا مناخ استوائي حار رطب على مدار العام، هذا باستثناء المرتفعات التي كنا نصطاف فيها فتصل درجة الحرارة في بعض الأماكن إلى (16) درجة مئوية. وفي هذه الفترة حتى نهاية سبتمبر يعتبر موسم الأمطار في الساحل الغربي الذي نحن فيه بعيدا عن روح البهجة التي تنتابنا ونحن في الأجواء الموسمية المنعشة فما يعنيني ذكره في هذه المقالة القصيرة تلك الحياة المتجانسة بين هؤلاء البشر فمن معلوماتي المستقاة من دراسات متنوعة فإن ماليزيا تعتبر دولة متعددة الأعراق، ويتكون سكان ماليزيا من ثلاثة أعراق رئيسية هم الملايو( مسلمون ) ويمثلون أغلب السكان بنسبة ( 57% ) ، ويليهم الصينيون ( 27% ) ، والهنود ( 7% ) إضافة إلى بعض الجنسيات الأخرى، ويبلغ عدد سكانها حوالي( 27 ) مليون نسمة. نحن الآن في الأيام الأخيرة من جولتنا السياحية وحطينا الرحال في العاصمة وهي كوالالمبور والتي تعني ملتقى النهرين وهي العاصمة الاتحادية لماليزيا، والمركز الأساسي للتجارة والسياسة والترفيه والنشاطات العالمية. وتتميز بأنها من أكثر المدن الماليزية تطورا وتشتهر بضمها للعديد من المباني الثقافية والتاريخية، ومراكز التسوق، وناطحات السحاب، إضافة إلى كثرة المعالم السياحية بها ومن أشهرها برجا شركة البترول الماليزية بيتروناس اللذان يقعان وسط المنطقة التجارية في المدينة، وهما أعلى الأبراج في العالم حيث يبلغ ارتفاع كل برج 452ملقد أدى مبدأ احترام وتسامح الكل لثقافة الآخر إلى أن تصبح ماليزيا آمنة ومستقرة. فالتعدد القومي فيها لم يكن مصدراً للصراع، بل على العكس، فإن تنوع الدولة العرقي كان أكثر ميلاً نحو السلام، حيث تجمعت الجماعات العرقية في تحالفات عبر الروابط العرقية بهدف إنشاء الأحزاب على المستوى السياسي والمشاركة في الحملة السياسية وتطوير نظامها . كلنا يذكر ذلك الرجل المسلم الذي حمل اسم ماليزيا إلى آفاق عالمية تفتخر به الأمة من خلال موقعه كرئيس لوزرائها حيث حققت ماليزيا في عهد الدكتور مهاتير محمد مستويات عالية من الاستقرار الاجتماعي والسياسي، ورغم التباينات الإثنية في الدولة إلا أنه استطاع نقل ماليزيا إلى آفاق دولة حديثة قادرة على تحقيق معدلات عالية من النمو.