19 سبتمبر 2025
تسجيلتؤكد تجارب العديد من الدول التي نجحت في تنمية وتطوير اقتصاداتها أن المشروعات الصغيرة هي أحد أهم مفردات التطور التكنولوجي، وأحد المواضيع الاقتصادية الحديثة، وقد حظي موضوعها باهتمام كبير في البلدان المتقدمة لاهتمامها بأهمية تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة والنادرة. أما بالنسبة للدول النامية فقد اهتمت أيضا بهذا الموضوع اهتماما أكثر لما له من علاقة وثيقة بتحقيق عملية التنمية الاقتصادية من جهة وتحقيق الاستخدام والتوزيع الأمثل للموارد المتاحة. وذلك من حيث قدرتها الفائقة على تطوير وتحديث عمليات الإنتاج بشكل أسرع وتكلفة أقل من الشركات الكبيرة ذات الاستثمارات العالية. هذا من جهة ومن جهة ثانية فالمشروعات الصغيرة تساعد إذا تم توجيهها للعمل كفروع ثانوية للصناعات الكبيرة، بما يعزز حالة التكامل الصناعي بين المنشآت الصغيرة والمتوسطة والكبيرة الحجم وتنويع وتوسيع هيكل الإنتاج، فضلاً عن أن هذه المنشآت هي عبارة عن بذور أساسية للمشروعات الكبيرة، وكذلك المساعدة على استحداث منتجات جديدة واستيعاب النواتج العرضية للصناعات الكبيرة وبذلك تسهم في الحد من هدر تلك الموارد وتقليل الاستيراد ومع أن أهميتها تختلف من حيث أهمية المشروع في عملية التنمية باختلاف أهداف وأحجام تلك المشروعات. فالمشاريع الصناعية مثلا تخدم التنمية أكثر من المشاريع الزراعية وذلك نظرا لما يتميز به المشروع الصناعي من قدرة على الزيادة في الدخل القومي وعلى توفير فرص العمل إضافة إلى المفاضلة الاقتصادية والفنية بين المشروعات فإنه لابد من إعطاء أهمية إلى المفاضلة المالية. وهذا النوع من المفاضلة يتعلق باحتساب التكاليف والإيرادات والأرباح والعوائد الصافية للأموال المستثمرة، فترة الاسترداد، معدل العائد على الاستثمار صافي القيمة الحالية..إلخ. وإذا كان العديد من الإحصاءات يشير إلى أن" المشروعات الصغيرة والمتوسطة تمثل نحو 90% من إجمالي الشركات في معظم اقتصادات العالم، وتسهم هذه المشروعات بحوالي 46% من الناتج المحلى العالمي، وتساهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلى للعديد من الدول، فعلى سبيل المثال تساهم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بنحو 85%، 51% من إجمالي الناتج المحلى في كل من إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية على الترتيب" وإن دولة مثل الولايات المتحدة "يوجد بها أكثر من 24 مليون مشروع صغير يساهم في توليد حوالي 52% من فرص العمل لدى القطاع الخاص وأكثر من نصف الدخل القومي، كما تمثل 80% من كل الإبداعات والابتكارات الجديدة في السوق الأمريكي. وتمد 67% من العاملين بفرص العمل والتدريب الأولى لهم". وفي اليابان تعتبر المشروعات الصغيرة والمتوسطة أساس الاقتصاد الياباني حيث "تمثل حوالي 99.4% من عدد المشروعات بها، وتستخدم أكثر من 84.4% من إجمالي العمالة في اليابان". فإن على بلداننا إدراك أن تحقيق التنمية الاقتصادية لا يمكن أن يتأتى إلا عن طريق خلق قدرة تنافسية وديناميكية تعتمد على المعلومات من أجل تحقيق التنمية المستدامة وتوفير المزيد من فرص العمل كماً ونوعاً وتوفير قدر أكبر من التماسك الاجتماعي. والطريق الوحيد لهذا هو النهوض بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة بالشكل والمضمون حتى تحرز الغرض المرجو منها.