20 سبتمبر 2025

تسجيل

الزيادة والتفكير العاقل

11 سبتمبر 2011

"البنك الفلاني" يهنئكم بالزيادة، ويدعوكم لاختيار قرض شخصي، أو قرض سيارة، مستلزمات، نعم، رسائل هاتفية متواصلة تدعو للاقتراض فلم تصدق تلك البنوك نفسها وهي ترى القيادة الحكيمة ترفع المعاناة عن أكتاف شعبها، وتقدم له عيدية قيمة، أنعشت قلوبهم، وأعطتهم الأمل بمستقبل مشرق وخففت عنهم هم الدين، وكيفية المعيشة براتب يذهب أغلبه إلى سداد ذلك الدين أو تلك الأقساط التي تتراكم فوائدها مع مرور السنوات ولا تنتهي! وجدتها فرصة تلك البنوك، فالآن مع الزيادة الكبيرة في الرواتب التي تبدأ من الشهر القادم، لا شك أن المواطن سيحاول أن يعوض ما كان غير قادر على الحصول عليه، وسوف يحسن من مستواه الاجتماعي والاقتصادي، ويرفه عن نفسه بعض الشيء، وقد يحتاج إلى أن يلجأ إلى تلك البنوك بإغراءاتها الكبيرة المزركشة المبهرة، والتي تغطي ما فيها من سموم الدين وغمه وهمه التي لا تتوقف. ولكن هنا تأتي الحاجة إلى تحكيم العقل وإعادة الحسابات من جديد، ووضع ميزانية عاقلة وحكيمة لكل مستلزمات الأسرة واحتياجاتها، خاصة الأسرة التي مازالت في بداية مشوار حياتها، وبناء مستقبلها ومستقبل أبنائها، وأهمية التفكير المنطقي العاقل في إدارة تلك الميزانية، وعدم إيجاد الطرق التي قد تعمل على زلزلتها وتدميرها، خاصة من خلال الإقبال على القروض البنكية وفوائدها الكبيرة، التي تشتري فرحة اليوم بغم الغد كما هو في الإعلان عن خطورة القروض والحملة القائمة عن ذلك. ويمكن للأسرة الجلوس مع بعضها البعض ورسم السياسة المالية لها، على ضوء كل متطلباتها الحالية والمستقبلية ووضع خطة للادخار السليم والاستثمار الجيد لمواردها، وعدم الإنفاق غير الرشيد الذي للأسف تنتهجه كل الأسر، ولا نستثني أنفسنا من ذلك، وشراء الاحتياجات المطلوبة وغير المطلوبة، ومحاولة تقليد من هو أكثر رخاء منافي الحالة الاقتصادية، والإقبال على التأسي بالبعض ممن اتخذوا المظاهر الكاذبة والبراقة سمة لحياتهم، وأصبح الترف الاجتماعي هو هم الكثيرين. إننا لابد أن نشكر الله عز وجل على هذه النعمة الكبيرة التي منّ بها علينا بوجود القيادة الرشيدة التي تشعر بشعبها ومعاناته وتقدم له الخير كله من أجل رفاهيته ورفع مستواه الاجتماعي ليكون من أفضل الشعوب، ولا شك أن ذلك مكرمة نرفع لها الأكف بالدعاء لهذه القيادة بالازدهار وطول العمر. وشكر النعمة يحتاج إلى أن نحافظ عليها وألا نهملها ونسرف فيها، ونضع مواردها في غير أماكنها الصحيحة، ومصارفها المعروفة، كما لابد أن نضع استراتيجية بعيدة المدى من أجل أبنائنا الذين مازالوا في مراحل التعليم الأولي والذين لا شك أنهم سيكونون في حاجة كبيرة إلى الدعم في مسيرة العلم، خاصة أن الزمن يتغير ولا يبقى شيء على حاله كما يقولون، والتعليم ومتطلبات الحياة الأخرى لهؤلاء الأبناء أصبحت مرتفعة ولا تزال ترتفع يوماً بعد يوم، بالإضافة إلى أهمية تعليم وتعويد هؤلاء الأبناء على الادخار، وعدم الإسراف، ومحاولة الاستهلاك الرشيد في احتياجاتهم، وهذا بالطبع يبدأ من تعويدهم على عدم الحصول على كل ما يطلبونه وتحقيق ما يطمحون إليه من ألعاب وأدوات تكنولوجية وغيرها، حتى يكون لديهم الوعي بأن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، وأن الحصول على ما نحتاج إليه، يتطلب الصبر والعمل.. وبهذا نكون قد استطعنا أن نبني مجتمعنا بشكل متوازن، بعيداً عن ضغوط الديون والحاجة والمعاناة. وهنيئاً للشعب القطري بكل فئاته بهذه المكرمة الكبيرة، وبهذه القيادة الحكيمة.