27 أكتوبر 2025

تسجيل

السلف الصالح

11 أغسطس 2016

جمعتني بمجلس مبارك الليلة قبل الماضية، بنخبة من رجال الثقافة والعلم، يتناقشون في أمور دينهم ودنياهم، يختلفون ويصححون لبعضهم البعض، منهجهم الصحيح الكتاب والسنة، بما ورد من رسولنا الكريم، واتبعه الصحابة، ومن بعدهم أصحابهم الذين أطلق عليهم السلف الصالح، ومن هنا نبع مصطلح "السلفيون" الذي غدا منهجاً مثيراً للجدل بين الفرق الإسلامية، فعلى الرغم من اتفاق أغلب الفرق الإسلامية على المدلول العام للمصطلح، إلا أنه يثير الخلافات عند تفصيل معناه وأهميته. تُعرّف كتبُ العلم السلفَ بأنه تعبير يُراد به المسلمون الأوائل من الصحابة والتابعين وتابعيهم؛ على اعتبار أنهم القدوة الصالحة. وقد نشأت مدارس إسلامية تدعو إلى اتباع نهج (السلف الصالح) في كل شؤون الحياة الدينية من مأكل وملبس ومعاملة وطريقة حياة تنبثق من الإسلام، وتدعو إلى محاربة الجديد في "الدين" على أنه بدعة، ولم يكن له وجود من قبل، أما البدع التي ليس لها علاقة بـ "الدين" فهي مباحة، كصنع السيارة والطائرة وغيرها.. من الملاحظ أن عالم اليوم يكثر فيه من يتعالم، ويدعي العلم والمعرفة، وهو لم يتلقَّ العلم عن مصادره وعن أصوله، ويرى المتشددون في هذا المنهج أن مثل هذه الثقافة، ليست موصلة إلى الخير ولا إلى الطريق الصحيح، ويدعون الى التعلم الصحيح لمنهج السلف، لأجل التمسك به والسير عليه، ويطلبون الصبر على ما ينال الانسان المسلم في سبيله من اللوم والتحقير وغير ذلك!! وهذا وارد في زماننا، حيث نسمع التحقير والتنديد بمن يتمسك بمذهب السلف، ويقولون: هذا رجعي وهذا متخلف وغيرذلك من الأوصاف المنفرة!! بالطبع أدلى علماؤنا الأفاضل بدِلائهم حول مصطلح "السلف الصالح" فيعتبرون أن هذا المصطلح ليس اسمًا لجماعة أو حزبٍ أو تكتُّلٍ، وإنما هو منهجٌ وسِمةٌ بارِزةٌ لكل من اتَّبعَ سنةَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسارَ على نهجِ الصحابة والتابعين، وفي عالَمنا اليوم تجتاحُ الأمة موجاتٌ من التغيير، وطُوفاناتٌ من التحديات؛ فأعداءُ الإسلام والمُتربِّصون به يقِفُون موقفًا صارِمًا، من كل دعوةٍ تدعُو إلى الحق، وإلى الرجوع إلى أصول الإسلام، وثوابتِه، ومبادئِه، وحقائقِه، التي تبعثُ روحَ العِزَّة في الأمة، وتقودُ إلى المجدِ والمَنَعة.. وهناك من المتربصين بديننا الاسلامي الحنيف من يعلنها بقوله: "إننا لا نُحارِبُ الإرهاب، ولكنَّنا نُحارِبُ من أجل أن نُقرِّرُ الإسلامَ الذي نُريد" فأي اسلام يريدون؟ إن التمسك بنهج السلف الصالح هو الملاذ لردع هؤلاء المطالبين بالباطل، فهذه الدعوات لا تبرز إلا ببروز الأضداد المُتخالِفة والمُتنافِرة؛ من التكفير والتنفير، وتعظيم الأشخاص، وتصنيف الأحزاب والانتماءات، التي منها تنمُو مذاهبُ ومناهِج، وتياراتٌ وفلسَفاتٌ يتميَّزُ فيها منهجُ السلف الصالح، وتظهرُ معالِمُه.. بينما يصف المدافعون عن منهج السلف الصالح بأنهم هم الصدرُ الأول، وهم الراسِخون في العلمِ، المُهتَدون بهديِ النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ الحافِظون لسُنَّته، مُقدَّمُوهم صحابةُ رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ورضي عنهم أجمعين، اختارَهم الله لصُحبة نبيِّهم، وانتخبَهم لإقامة دينِه، ورضِيَهم أئمةً للأمة لقوله تعالى "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا، أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ". ينبغي لدرء الفتن وسد الفجوات؛ أن نسير على منهجَ السَّلَف، لأنه منهج الدينُ القويم بأصوله وفروعه.. بجميعِ شرائِعِه: في التوحيد والإيمان.. في العلاقات والمُعاملات، والحقوق والواجبات الروحية، والشخصية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، وأخيراً في وحدة الأمة التي لا تَفَرُّق فيها، بسبب الجنس أو العرق أو الموطن. وسلامتكم