18 سبتمبر 2025

تسجيل

آخر منشور

11 يوليو 2014

لأمر أراده الله عز وجل في علاه أنزل كتابه الكريم في هذا الشهر العظيم ، ولقد علم الناس أجمعون علماً لا يخالطه شك أن هذا الكتاب العزيز جاء على لسان محمد بن عبد الله بن عبد المطلب – صلوات الله وسلامه عليه - ، الرجل العربي الأمي المولود بمكة في القرن السادس الميلادي ، وهذا القدر لا خلاف فيه بين مؤمن وملحد لأنها شهادة التاريخ المتواتر به لا يماثلها ولا يدانيها شهادة ، لأي كتاب من الكتب التي ظهرت على وجه الأرض ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يضاعف من إقباله على هذا الكتاب الكريم ومن مدارسته له ، ويضاعف في شهر رمضان المدارسة مالم يكن في غيره من الشهور يضاعف الدراسة والمدارسة ، وهي غير القراءة أو التلاوة المجردة التي هي أقرب إلى الهذر ، لأن القراءة العابرة نوع من حفظ الحروف ونوع من ترتيل الكلمات لأن روح القرآن في معانيه ويوم تقرع المعاني نفوس الملايين من الموحدين { فذكر بالقرآن من يخاف وعيد}على وجه هذه الأرض والتي تثمر حروفها كل حرف منه عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف ثم تثمر هذه الحسنات نوراً من أنوار الذكر الحكيم { وأنزلنا إليكم نوراً مبينا } نعم خاطب ربك وخالقك بتلاوة كلامه على كل حال ، لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، فهو سبحانه لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً .لكن المشكله ليست في طلب الثواب ، وإنما المراد هو بلوغ روح القرآن والتمعن في معانيه ، يوم تقرع المعاني نفوس التالي أو المستمع عندئذٍ تفتح أقفال القلوب لاستقبال تلك الأنوار { فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا }.إن المسلمين جُل المسلمين لا يعرفون قيمة هذا الكنز – ذلك الكتاب الذي بين أيديهم – والذي شرفوا بنزوله عليهم .يبقى هذا القرآن على جبهة الدهر معجزة خالدة تنطق بالهدى ودين الحق ظاهراً على الدين كله .ومن خلال هذا الوحي المحكم الذي نتلوه ونتدبره عرفنا أن الله واحد وأن كل امرئ رهين بما كسب ، وأن الرسل جميعاً متفقون على تعلم هذه الحقائق السهلة ، وعلمنا يقيناً أن أبرز مظاهر الشرك والوثنية هو تعدد الآلهة والطواغيت ، وتقديم القربان كفارة الخطايا وإسقاط كرامة الأنبياء { ودوا لو تكفرون} لأجل أن لا تكون لنا بهم أسوة حسنة . هذا القرآن الكريم – وهو دستور الأمة الأصيل – الحاوي لسر إجماع كل كتب الأنبياء والموحدبن المختلفين في المشارب والمسالك المتفقة قلوبهم وعقولهم بحقائق كتبهم على تصديق أساسيات القرآن المنور جهاته الست إذ على ظهره سكة الإعجاز وفي باطنه دقائق الإيمان ونخبة براهين الإذعان ، مقبول الملك والإنس والجن ، الصادق بالدلائل العقلية باتفاق العقلاء والمصدق بالفطرة السليمة بشهادة الوجدان .ماذا يريد الناس من كتاب دين يصل المخلوق بالخالق والعالم أجمع بمدبره الأوحد؟ حتى أنك لو نظرت إلى الطاقة التي تدير الآلات وترفع الطائرات لرأيت بعض آثار القدرة التي تدير الكون كله من عرشه إلى فرشه ، فهو الترجمة الأزلية لكتاب الكائنات الكبير والترجمان الأبدي لألسنتها المتنوعة .نعم حسب هذا القرآن أنه يعرفك بالله الواحد الأحد ويعدك للقائه ، ويفهمك أنه بالصلاح والاستقامة – وحدهما – يضع مستقبلك هنا وبين يديه – هنا في الدنيا - { وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا}وفي الدار الثانية { فاستقم كما أمرت} { وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم}.لا يعرف التاريخ الإنساني إلا قرآناً واحداً منشور النسخ بين جماهير المسلمين منذ إنزاله في ليلة القدر الأولى {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ }{ إنا أنزلناه في ليلة مباركة }إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين .إن القرآن الكريم كما نقّى العقائد من لوثات الشرك ، تعهد السلوك الإنساني بما يجعل التوحيد لبابه وغايته ، ولن يكون السلوك صحيحاً إذا كان باطن الإنسان سقيماً .أخي الحبيب ، أختي الغالية نصوص الشريعة مصونة الأصل بخلود القرآن " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي" فاستمسك بما بين يديك من وحي معصوم إنك على صراط مستقيم { اللّه نزّل أحسن الحديث كتاباً...}إنه آخر منشور الحكمة الإلهية ، إنه كلام الله .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين