13 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تمثل اتفاقية باريس المعنية بتغير المناخ التي وقعت في عام 2015 إنجازا دبلوماسيا تاريخيا. ووقعت 157 دولة على الاتفاقية التي تهدف إلى وقف ارتفاع درجة حرارة الأرض من خلال خفض انبعاثات الغازات التي تتسبب في الاحتباس الحراري. وتنص على أن الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية ستساعد في تحول الدول النامية نحو مصادر أنظف للطاقة، وعليها تقديم 100 مليار دولار بحسب الاتفاقية. كما على ضرورة انتظار واشنطن رسميا حتى نوفمبر 2020 قبل الانسحاب من الاتفاقية. لكن الرئيس الأمريكي ترمب أصر على أن ينفذ وعوده الانتخابية، حيث أعلن الأسبوع الماضي انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية، رغم أن الرئيس السابق باراك أوباما وقع عليها في عام 2015، فاعتبره الجميع قائدا لمواجهة الاحتباس الحراري وتغير المناخ في العالم. وكان أوباما قد تعهّد بتخفيض الولايات المتحدة الأمريكية للانبعاثات الضارة المسببة لتغير المناخ بنسبة من 26% إلى 28% مقارنة بانبعاثات 2005 وذلك بحلول عام 2025. وركز الرئيس ترامب لتبرير انسحاب بلاده من الاتفاقية على أنها سوف تؤدي إلى إلحاق الضرر بالولايات المتحدة وإعاقتها وإفقارها، إذ أنها تضر الاقتصاد بشدة، وتكلف الاقتصاد الأمريكي 3 تريليونات دولار في الناتج العام وتقضي على 6 ملايين وظيفة صناعية لكونها تهدف إلى خفض الإنتاج في قطاعات الورق بنسبة 12% والأسمنت بنسبة 23%، والحديد والصلب بنسبة 38 % بحلول عام 2040، وهو ما سيلحق بالضرر الصناعات الأمريكية. لكن الخبراء يذكرون أنه رغم قرار ترامب الانسحاب من اتفاقية باريس، ستواصل الانبعاثات الكربونية التي تنفثها الولايات المتحدة في الانخفاض. وتشير التقديرات إلى أن هذه الانبعاثات ستنخفض بوتيرة تبلغ النصف مما كانت تخطط له إدارة الرئيس أوباما. أما السبب في ذلك، فيكمن في أن الولايات المتحدة تعتمد على الغاز الطبيعي في توليد الطاقة الكهربائية أكثر من اعتمادها على الفحم الحجري. فثورة استخراج الوقود الحجري شهدت ارتفاعا كبيرا في إنتاج الغاز وفي انخفاض كبير في سعره. علاوة على ذلك، فمنتجي الطاقة يفضلون الغاز لمرونته وانسجامه مع مصادر الطاقة المتجددة التي تشهد هي أيضا نموا سريعا. وحول الآثار المدمرة لانبعاث الغازات السامة، تقول دراسة لصندوق النقد الدولي إن أسعار الطاقة تعبر تعبيرا منقوصا بواقع 5.3 تريليون دولار أمريكي (أو 6.5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي) عن التكاليف الحقيقية المترتبة على استخدام طاقة الوقود الأحفوري، أي تكلفة التوريد والضرر الذي يلحقه استهلاك الطاقة بالسكان والبيئة. ومن هذا التقدير لدعم الطاقة العالمي يمكن أن يستشف حجم التكاليف غير المدرجة في السعر التي يفرضها استهلاك الطاقة على الاقتصاد والبيئة. ولا يرجع إلى الاحترار العالمي إلا 25% تقريبا من تكلفة الدعم العالمي. وتغطي نسبة الدعم المتبقية البالغة 75% الآثار الصحية الناجمة عن تلوث الهواء الخارجي، بالإضافة إلى التسعير المنقوص للآثار الجانبية المحلية للمركبات (كالاختناقات المروية) ، وتكاليف توريد الطاقة، وضرائب الاستهلاك العامة. وهناك شبه إجماع على أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية، وهي المسؤولة عن 15 في المائة من مجموع الانبعاثات الكربونية عالميا، سيؤذي بشدة الاتفاقية والعالم، كما أنه قد يشجع دولا أخرى على عدم الالتزام. فتنفيذ الاتفاقية يعتمد في الأساس على القيادة الأخلاقية للدول العظمى للاتفاقية والتي كانت تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية وتخلت عنها، كما أن الانسحاب بمثابة خطأ تاريخي سينظر إليه الأجيال القادمة وتشعر بالصدمة من كيفية تخلي الدول التي تقود العالم عن الواقع والأخلاق.