11 سبتمبر 2025

تسجيل

إطلاق الأحكام

11 مايو 2023

قد يشرحُ العنوانُ نفسه بوضوحٍ لكن ما تنطوي عليه حروفُ هاتين المفردتين عميقٌ جداً وموجعٌ لمن يقع تحت وطأة وجعه كثيراً، فحينما يتعلق الأمر بإطلاق الأحكام على الآخرين، أعتقد أنَّ الأمر يعدُّ غريزياً بالنسبة إلى معظم الناس، لكن هل تعلم كيف يؤثر إطلاق الأحكام على الآخرين في نفسك ورؤيتك لذاتك وفي الحياة التي تريد أن تعيشها؟ فإذا لم تكن أنت مَن يطلق الأحكام على الآخرين، فعقلك اللاواعي هو مَن يفعل ذلك وأنت تجاريه ولا تخالفه وهناك مقولة شهيرة تحث الناس على عدم الحكم على الكتاب من غلافه، لكن الناس يميلون إلى فعل عكس هذه المقولة فهم يستمرون في تبني حكمهم على الكتاب من الغلاف حتى بعد قراءة فصلٍ أو فصلين منه " وقد يثبت العكس بعدها"، بالمقابل هناك معيار خفي لا يعلمه إلا الله، ولا يحكم رب العزة والجلال على العبد إلا من خلاله، ومحله القلب وهي النية، فهناك قلوب طيبة صادقة صافية وعكسها تماماً. ولعل ما يدور في ذهن البعض الآن انه قبل الحكم على الغير عليك أن تكون أنت الأفضل أو الأعلم أو الأقدر في المجال الذي أنت بصدد الحكم على الآخر فيه، فإن كنت تريد أن تحكم على غيرك في أخلاقه مثلاً فالمنطق يتطلب منك أن تكون أنت أرقى أخلاقاً منه وأرفع، وإن كنت تريد الحكم على علمه او عمله فالمنطق نفسه يتكرر أيضاً. والآن لنُسقط ذلك عزيزي القارئ على معظم احكامنا التي يُطلقها البعض جزافاً وتصدر بناءً على المظهر الخارجي فنحن نفترض الكثير من الأشياء عن الأشخاص حسبَ المرئي فقط ونُخضعه لصورنا النمطية التي تكوَّنت من خبراتنا وتجاربنا الحياتية، فحكمنا على الغير يتطلب الكثير وليس بالأمر اليسير، بالإضافة إلى أن من يحكم على شيء أو شخص يجب أن يكون الأفضل أو الأعلم أو الأقدر فى المجال الذى يصدر الحكم فيه، فكثيرا ما نحكم على أخلاق الآخرين ونحن فى أمس الحاجة إلى هذا الحكم على أخلاقنا. إذاً،، إن لم تكن الأفضل فاحترس لأنك قد تكون الأسوأ، لهذا يكون إصدار الأحكام على الآخرين هو وسيلةٌ لتأمين سلامة الشخص وطمأنة ذاته بجعله "الأفضل" وفقاً للمقياس الذي يُحدده حتى وإن كان هذا المقياس غير حقيقي، ولا تتجاهل ان عملية إطلاق الأحكام ليست شهادةً حصل عليها البعض وبموجبها يتعامل ويُقيّم الآخرين. أخيراً: بعيداً عن سيكولوجية الانطباع الأول،، لا تتسرّع في الحُكمِ على الناس فقد تظلِم عزيزاً وترفع رخيصاً.