12 سبتمبر 2025

تسجيل

ذهبٌ سائل

11 مايو 2022

الحراك السياسي الإيجابي في لبنان جميل، ولو كان بوجه انتخابي عقيم. هذا هو المشهد الذي انعكس بمشاركة المقيمين خارج لبنان والمغتربين في الانتخابات النيابية التي من المتوقع أن تأتي بمجلس نيابي يرتدي الثوب نفسه. هو ثوب مثقوب ذو رائحة عفنة، لا يغرنّك فيه زركشة الألوان الحزبية، ولا الموضة العالمية بتطريز وجوه المجتمع المدني على كفيه. هو ثوبٌ أسود يسعى صاحبه لمناغشة البنك الدولي وأمريكا وفرنسا وأخواتها ممن يسهرون على تطبيق الديمقراطية في العالم، سواده لا يُشبه لبنان الأخضر، ولا الجواز اللبناني الغنيّ بصور الطبيعة الخلابة، ولا روح اللبنانيّ المرهونة في صناديق اقتراع مثقوبة. انتخابات خطفت جوازات ناخبيها، فأضحى الحصول على وثيقة السفر القانونية حلمًا بعيد المنال. منال ما زالت تتجوّل في "الحُلم العربي" الذي لا بُدّ وأن نُعيد النظر فيه عبر مراجعة العديد من الأعراف وأنماط الحياة التي وجدنا عليها آباءنا وأجدادنا، وهذا لا يعني أنها أنماط سلبية، بل العكس أصبح من اللازم، الحفاظ على الإيجابي منها، وإسقاط ما لم يعد يُناسبنا، وذلك من أجل الاستمرارية وتجنّب الانقراض الحضاري. وأولها، التفكير فيما رددناه يومًا "أجيال ورا أجيال حتعيش على حلمنا" وكأننا نقول للأجيال المقبلة إننا جيل حالم دون عمل، وأنكم ستستمرون في الحلم دون عمل، أو دون يقظة. اليقظة في ساعات العمل الرسمية بالدول العربية غير مُجدية، لأننا حددناها منذ السابعة ولغاية الثامنة صباحًا، ولكننا في المقابل نعمل على الدوام الغربي لحين الساعة 6 مساءً، فالعولمة فرضت علينا هذا النوع من التشابك والتواصل، وفيما يبصم الأجنبي في بلاده الساعة 9 صباحًا، ويتخذ من الصباح الباكر وقتًا لـ"التريض" و"التريق" ترى الناس في بلادنا سُكارى وما هم بسُكارى يهرعون لـ"البصمة" دون جدوى، وإن سجلوا الخروج الساعة الـ2 إلا أنهم مطاردون في أمسيتهم لأن العالم بالخارج ما زال يعمل! العالم يحتاج إلى جهة ممولة من الشعوب لإجراء البحوث والدراسات مقابل ما تموله الشركات العابرة للقارات، فالأدوية التي تُبتكر مرتهنة بنتائج وتوصيات ممولة من شركات تجارية ترعى مصالحها؛ على سبيل المثال جينات القمح المُعدّلة وراثيًا، والأمراض التي تتسبب بها في الجهاز الهضمي، خلقت نمطًا جديدًا يُعرف بمنتجات عضوية لمرضى "حساسية الجلوتين"، وكمّ الأدوية التي تُصرف في هذا المجال موضوع للدرس.. وقس على ذلك من حلقة مفرغة تتشكّل من: خلق مُسببات الأمراض، وابتكار العلاج، وإيجاد نمط حياة بديل باهظ الثمن. قمحات "ستي" تُباع بسعر أعلى ومختوم بـ "عضوي". عُضوي الممانعة والمقاطعة يُحركون الدمى الدينية الناطقة في لبنان لتوزيع فتاوى "التكليف الشرعي" والربّاني للمشاركة في الانتخابات، والدخول إلى الجنة من باب صناديق الاقتراع، وهذا يطرح مجددًا فرضية الجهات المسؤولة عن محاسبة رجال الدين في الدنيا، وتقييم جدارتهم ومؤهلاتهم الفكرية والنفسية؟ نفسيًا خرج بعض المسلمين من شهر رمضان المبارك بحلّة عنصرية، والتي بدلًا من أن تُخمد في الشهر الفضيل، تنامت وتعززت، وكأن شياطين التفرقة بين عربيّ وأعجميّ وأجنبيّ كانت تنتظر على باب المساجد في صلاة العيد. العيد الذي استخدمت فيه الجميلات زيت الأرغان أو "الأركان"، احتفت به الأمم المتحدة في 10 مايو تحت اسم "اليوم الدولي لشجرة الأركان" الموجودة في محمية جنوب المغرب والتي تتميز على قدرتها في الصمود ببيئة قاسية في ظلّ ندرة المياه، وهذا هو طباع المغاربة الذين وإن قست بيئتهم عليهم، عطرهم فوّاح يُداوي العليل بذهب سائل!