11 سبتمبر 2025
تسجيللن تستطيع أن تقنع أي شخص ما لم يكن لديه الرغبة في الاقتناع ولو قدمت له كل الأدلة والبراهين التي تُسند منطقك فإن ذلك لن يكون كافيًا لإقناع هذا أو ذاك فعندما تريد أن تحاور وتفاوض وتقنع فلابد أن تملك مفتاح الدخول الذي يكمن دائمًا في رغبة وإرادة الشخص الذي تستهدفه لأن الإرادة والرغبة البشرية تعلو دائمًا على المنطق والواقع والحقيقة، فالإنسان في حياته عبارة عن إرادة ورغبة يسعى لها إن كان في بيته أو في عمله أو شتى مجالات حياته، ومتى ما كان مؤمنًا بها فلاشك أنه سيحققها عاجلًا أم آجلًا، فإرادة الإنسان ورغباته هي سحر آخر يتمتع به كل منا ومعرفتها والعمل بها درجات تختلف من شخص لآخر، ومع هذا نجد أن المشكلة دائمًا ليست في إرادة الإنسان ورغبته، فكل منا لديه رغبات ويملك الإرادة بل هي سيل لا يتوقف وكل يوم نقول هل من مزيد فنعيش بين أمرين كلاهما مر الأول عذاب الوصول لما نريد والآخر حسرة وألم لما حرمنا منه لأن الإنسان بطبيعته لا يشبع عندما يطلق العنان لرغباته دون ضوابط.ولعل القضية برمتها لا تكمن بكونك أنك تريد، بل المهم ماذا تريد، فالرغبات درجات تختلف ما بين شخص وشخص فهناك من رغباته لا تتجاوز الرغبات الحيوانية، وآخرون لديهم رغبات إنسانية، وغيرهم يسعى لرغبات ربانية، ولكل منها إرادة وهمة وعلينا هنا أن نختار مستوى العلو في الإرادة والإنسان الحكيم يعلو بإرادته ورغباته ليصل لذلك المستوى الذي يصبح فيه مباركًا موفقًا، ولن تصل لذلك إلا عندما تعرف لماذا تريد أن تكون فهناك يكمن السر والسحر.إن الإرادة هي القوة الحقيقية التي جعلت العظماء يكتبون التاريخ وهي التي أوصلت المبدعين لهرم الإبداع وهي ذاتها التي تستطيع أن تغير الواقع وتبني المستقبل وفي التاريخ وفي الحياة نماذج لا حصر لها.إني لم أجد جهلًا أعظم من جهلنا بأنفسنا، فكل منا لا يعرف قيمة هذه النفس التي تسكن بين جنبيه وإننا مهما وصلنا من العلم فسنظل نجهل أنفسنا التي تملك من القوة والإرادة والصفات ما الله به عليم، وإذا أردنا أن نكون أسيادًا في حياتنا فلابد أن نملك أنفسنا قبل أن نملك أي أمر آخر، ولن يكون ذلك إلا بإرادة قوية واضحة نقية تملك النفس فتديرها وتسييرها نحو كل خير، فلن تكون مالكًا لنفسك وأنت عبد لشهواتها فتلك إرادة حيوانية لا تدوم.إن المجتمعات تنهض بإرادة أفرادها والدول تتطور بإرادة قادتها، والجيوش تنتصر بإرادة جنودها، إنه سحر الإرادة الذي لابد أن نزرعه في نفوس أجيالنا ليكون محركًا لهم لصناعة مستقبلهم، إنها الإرادة التي للأسف لم نتعلمها في مناهجنا فنامت سنوات ولكننا بإذن الله نستنهضها اليوم.