12 سبتمبر 2025

تسجيل

وداعــا سيـد عمــران خــان

11 أبريل 2022

ربما ما يحدث في باكستان قد تكرر كثيرا فالمشاهد السابقة تؤكد أن الحكومات الباكستانية قد أُطيحت بمعظمها، واليوم ونحن أمام مشهد آخر من هذه المشاهد المتكررة في بلد لا يبدو أن منصب رئيس الوزراء أو الحكومة قويا وصامدا أمام إسقاطه إما بحجب الثقة أو بالتهم التي تلاحقه كشخص أو حكومة، مما يضطره مجبورا لإخلاء كرسيه والاتجاه لسكة التحقيقات والمساءلة القانونية والفضائح التي ترتبط عادة بالرشاوى، ولكن في قصة رئيس الحكومة الذي يمكننا وصفه بالرئيس (السابق) عمران خان فالقصة تبدو درامية ومحنكة أكثر، ذلك أن خان الذي كان معروفا بمواقفه الصارمة وصراحته المعهودة قد سبق خطوة حجب الثقة بصراع واضح وقصير مع الحكومة الأمريكية التي هددت صراحة بإسقاطه وتشكيل حكومة جديدة، لا يبدو خان أو أحد من أفراد حكومته ضمنها، وقد عبر خان حينها أن هذا التدخل يعد تدخلا سافرا بكل المقاييس في شؤون باكستان الداخلية وأنه لا يمكن لواشنطن أو غيرها تشكيل حكومات والتلاعب بها مثل أحجار الشطرنج لمجرد مواقف ترى الولايات المتحدة الأمريكية أنها معارضة لتوجهها ومخالفة لها، ومع أن خان قد حذر بلاده من أن تتسلل أيادي واشنطن للعمق الباكستاني، إلا أن الأمور كانت قد خرجت سريعا من يده وبالفعل صوت البرلمان الباكستاني بالموافقة على حجب الثقة عن عمران خان وحكومته، حيث صوت 174 نائبا لصالح حجب الثقة من مجموع أعضاء البرلمان والبالغ عدد أعضائه 342 نائبا رغم أن رئيس البرلمان ونائبه قد قدما استقالتهما قبيل جلسة حجب الثقة؛ اعتراضا على عدم مشروعيتها، مما فسر المراقبون أنهما يميلان بشدة للوقوف بجانب خان في معركته التي لم تطل كثيرا للأسف والممتدة منذ صباح يوم 18 أغسطس 2018 وحتى إسقاطه بصورة يعتبرها المحللون بأنها غير مشروعة في 9 إبريل 2022 بطلب من أحد أحزاب المعارضة دعمته المحكمة العليا في البلاد، وكان خان حينها يحذر من مؤامرة تقودها الولايات المتحدة لإزاحته لكنه لم يستطع أن يقدم دليلا على هذا بدعوى تضامنه العلني بجانب روسيا التي تشن حربا ضارية وغزوا صريحا لأراضي أوكرانيا وتتمتع بدعم كلي ومساندة علنية من الصين كقوة آسيوية عظمى علمت واشنطن أنها لن تستطيع معاقبة الكبار ولكنها قادرة بلا شك على تهديد من تعتبرهم القوى الناعمة من دول العالم الثالث مثل باكستان رغم أنها في الأول والأخير تعد دولة نووية بجانب الهند لكن وضعها الاقتصادي والإنساني ومسيرات جكوماتها السياسية لم تؤهلها لمقارعة الدول العظمى مثل واشنطن وموسكو وبكين وباريس ولندن، وهم جميعا الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وتمتلك حق الفيتو لمنع صدور القرارات أو تمريرها بحسب ما تحكم به المصلح بصورة أعمق وأشمل، ولذا يمكننا فعلا أن نؤكد أن خان قد دفع الثمن غاليا باتخاذه لغة العقل والوسطية في الإعلان عن موقف بلاده من الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما أكد عليه خان حينما فسر الإعلام الأوروبي موقف بلاده الرسمي على أنه داعم لروسيا وهو ما جعله يستشيط غضبا آنذاك وينكر ذلك لكن واشنطن كانت قد التقطت مؤشرات الموقف الأول لعمران خان وفسرته كما فسرته أوروبا على أنه وقوف ضدهم بكل المقاييس، مما جعلت أيام خان في منصبه أياما معدودة. وبالفعل ودع خان مسيرته السياسية التي تنقل فيها بين رئيس للحكومة وبين خارج منها وعائد إليها ولا يبدو المشهد السياسي في باكستان واضحا بالنسبة لمستقبل خان الذي يبلغ من العمر اليوم نحو 69 عاما لا سيما وأن البرلمان يتجه اليوم الاثنين لتعيين رئيس حكومة مؤقت يحتل منصب رئيس الحكومة حتى شهر أكتوبر من عام 2023 موعد الانتخابات التشريعية القادمة للبلاد يطوي بهذا حقبة سياسية لرجل لا يختلف في قوة شخصيته اثنان، ولكنه يبدو ضعيفا من أن يواجه قوى خارجية وقوى كارهة له في الداخل، ويكفي لنا نحن العرب أن نحترم رجلا كان بجانب قضايانا العربية والإسلامية ويؤمن به ويصدح بالحق حينما يخفت أصوات العرب !. [email protected] @ebtesam777