15 سبتمبر 2025

تسجيل

الإفطار علنا في نهار رمضان.. جريمة

11 أبريل 2022

يعتبر شهر رمضان من الأشهر المقدسة لدى المسلمين لارتباطه بالصيام وهو أحد أركان الدين الإسلامي. ولأن المجتمع القطري قائم على احترام تعاليم الديانة الإسلامية السمحاء، فما كان للمشرع القطري إلا أن يضمن للمسلمين عدم انتهاك حرمة شعائر شهر رمضان الفضيل، وعلى رأسها فريضة صيام نهار رمضان. وعلى هذا النهج، لن نستغرب إذا علمنا أن المشرع القطري قد جرم المجاهرة بإفطار شهر رمضان نهارا ضمن المادة 267 من قانون العقوبات التي نصت على ما يلي: "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وبالغرامة التي لا تزيد على ثلاثة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من جاهر في مكان عام بتناول الأطعمة أو المشروبات أو غير ذلك من المواد المفطرة في نهار رمضان". فالمادة المذكورة اعتبرت عدم صيام رمضان علنا بمثابة جنحة يعاقب عليها القانون بعقوبة سالبة للحرية وغرامة مالية أو يتم الاكتفاء يإحدى العقوبتين حسب الحالات، كما أنه بمطالعة تلك المادة يتبين أنه لتكييف الفعل الصادر عن المفطر في نهار رمضان بأنه جنحة يعاقب عليها القانون يجب توافر أركان الجريمة المتمثلة في الركنين المادي والمعنوي. فبالنسبة للركن المادي لا يكفي فقط مخالفة تعاليم الدين الإسلامي وارتكاب المعصية المتمثلة في عدم الصيام، لأن عقوبة هذا الفعل حسابها بين الفاعل وبين الخالق، بل يجب أن يقترن الإفطار نهارا خلال شهر رمضان بالمجاهرة بذلك، فعنصر المجاهرة يعد الركن الأساسي لتجريم فعل الإفطار، ويتحقق ذلك بتناول الأطعمة أو المشروبات أو غيرها علنا أمام الغير سواء فرد واحد أو مجموعة أشخاص مهما بلغ عددهم، وليس شرطا أن يتم الإفطار على مرأى الغير ليكون الشخص مجهرا بالإفطار، بل يكفي أن يعلن ويخبر الغير أنه لا يصوم شهر رمضان سواء بشكل مباشر أو عبر مراسلات أو من خلال النشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو أي طريقة أخرى يتحقق من خلالها عنصر المجاهرة والإعلان بعدم الصيام خلال نهار شهر رمضان. أما الركن المعنوي فهو عامل أساسي لاعتبار الشخص مرتكبا لهذه الجريمة، فلو قام شخص مثلا بشرب الماء في شارع عمومي عن طريق النسيان لا يعتبر مجاهرا بالإفطار، ولا تتم متابعته بهذه الجريمة، لأنه وإن تحقق عنصر الإفطار علنا خلال نهار شهر رمضان، فإن الفعل يفتقد العنصر الثاني المكمل له وهو النية أو القصد الجنائي، لأن هذه الجريمة تتطلب أن يكون لدى مرتكبها الوعي والنية المسبقة بأنه يخالف تعاليم الدين الإسلامي وينتهك حرمة المسلمين بالإفطار أمام مرآهم. ونلاحظ من خلال قراءة المادة 267 أن المشرع وجه خطابه إلى العموم، أي أنه اعتبر كل من جاهر بالإفطار في نهار رمضان مرتكبا لهذه الجنحة، بغض النظر عن جنسه أو ديانته أو غير ذلك، أي أن غير المسلم إذا جاهر بالإفطار في نهار رمضان، لن يشفع له أنه يتبع ديانة أخرى غير الإسلام، لأن مغزى المادة ليس ضمان اتباع تعاليم الدين الإسلامي بقدر ما هو ضمان احترام عقائد المسلمين من قبل الجميع، بمعنى أن غير المسلم إذا جاهر بالإفطار يكون قد انتهك حرمة المسلمين خلال هذا الشهر الفضيل وبالتالي يعاقب بمقتضى المادة المذكورة. وأيضا المادة شملت بالذكر أيضا حتى المرأة المسلمة عندما تكون في حالة عذر شرعي، فلن يشفع لها ذلك إذا جاهرت بعدم الصيام خلال شهر رمضان المبارك. هذا وإن معظم تشريعات الدول التي تتبع الشريعة الإسلامية تعاقب من يفطر علنا خلال نهار شهر رمضان، وتعتبر ذلك مساسا وانتهاكا لقدسية الدين الإسلامي بالنظر لما يمثله شهر رمضان الفضيل من رمزية أساسية لأركان الإسلام الخمسة.