العمرة في شهر رجب

لم يدر بخلدي أن تتوافق رحلتي لأداء مناسك العمرة مع عائلتي الصغيرة أوائل أيام شهر رجب الجاري أعاده الله عليكم بالخير والبركة، وعرفت ما لهذا اليوم من فضائل وبدخوله نتذكر دعاء المصطفى عليه الصلاة والسلام حين كان يقول إذا دخل رجب (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان) اللهم أعده علينا وعلى الأمة الإسلامية بالخير والسلام والأمان واجعل هلاله هلال فرج وبركة.ويؤكد علماؤنا الأفاضل أن شهر رجب ليس له سنن، لكن لا بأس بالعمرة فيه، فقد كان السلف يعتمرون في رجب، وثبت عن ابن عمر — رضي الله عنهما — أنه قال " ان النبي — صلى الله عليه وسلم — اعتمر في رجب، فالعمرة في رجب لا بأس فيها، أما تخصيصه بعبادة أخرى فلا أصل لذلك، لكنه كسائر الشهور، إذا صلى فيه، أو صام منه ثلاثة أيام من كل شهر، أو صام الإثنين والخميس، مثل بقية الشهور، لا يخص منه بشيء إلا إذا اعتمر فيه فلا بأس.سعدت وأنا بين اسبال الكعبة المشرفة وحولها بالمعتمرين يأتون من كل فج عميق يناجون ربهم في هذه الايام المباركة، فشهر رجب من الأشهر الحرم التي جاء ذكرها في قول الرسول (ان الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والارض ؛ السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم ثلاثة متواليات:ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان) رواه البخاري.عند البحث عن خصوصية شهر رجب المبارك وجدت ان العرب كانت تسميه رجب مضر كما في الحديث السابق لان قبيلة مضر من اشد العرب تعظيما له في الجاهلية، ومن اشد ما استرعاني حضوره انه لم يثبت في الاسلام تعظيمه بعبادة خاصة من صيام ولا صلاة او عمرة وغير ذلك، لذا لم اكن من المهتمين في البداية باعطاء شهر رجب تلك الخصوصية لانني سمعت الكثير المنقول من ايام دخول الاسلام ان الناس اكثروا في احداث البدع فيه منذ القديم والى يومنا هذا. ومستندهم في ذلك الهوى والجهل والاحاديث المكذوبة.حقيقة التركيز على شهر رجب كونه من الشهور الحرم لم يفت اهل العلم بتأليف كتب تحذر من البدع المحدثة في هذا الشهر ، فمن محدثات الصلوات فيه صلاة الرغائب التي احدثت بعد المائة الرابعة، وفيها حديث مكذوب موضوع عن النبي، اما صومه فلم يثبت في خصوصه شيء، ويؤكد مشايخنا الأفاضل كابن باز وابن حجر وغيرهما، انه لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه، ولا في صيام شئ منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة، بل ورد ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يضرب بالدرة صوامه. توصلت لهذه النتيجة بان تخصيص شهر رجب بعمرة ليس له أصل في الشرع، وانكرت عائشة رضي الله عنها على ابن عمر أن النبي عليه الصلاة والسلام اعتمر في رجب، وما نقل عن بعض السلف إن صح، فمحمول على عدم التخصيص.انبه اعزائي على ضعف ما يتناقله الناس في هذا الشهر ولنا في رسول الله اسوة حسنة فقد كان يقول إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ). وسلامتكم