15 سبتمبر 2025

تسجيل

في قلب الإعصار!

11 أبريل 2012

لأن العالم الإسلامي " في قلب الإعصار" بسبب الكوارث والأزمات والحروب التي تضرر منها عشرات الملايين من البشر في الدول الإسلامية، وبخاصة في العقود الأخيرة، حسب تقارير موثقة، فإن الأمر يتطلب النظر بجدية أكبر إلى موضوعي الإغاثة والعمل الإغاثي من قبل المنظمات الإنسانية المحلية في بلادنا، والمنظمات الإقليمية ذات الصلة، لأن "الخرق اتسع على الراقع"، لاسيَّما بعد ثورات الربيع العربي، ومعالجة كل ما يتصل بشأنهما من إشكاليات ومصاعب، والقيام بكل ما يتعلق بتطوير أدائهما ليصلا إلى أعلى درجات الفاعلية، وتحقيق الأثر المطلوب وفق أرقى المعايير المهنية الدولية. وللتدليل على حجم الحاجة إلى الإغاثة في عالمنا الإسلامي نورد بعض الأرقام، أولاها طازجة، جاءت على لسان السفير عطا المنان بخيت، الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية في منظمة التعاون الإسلامي مؤخرا، خلال مؤتمر ومعرض دبي الدولي للمساعدات الإنسانية والتنمية، وهي من واقع التقرير السنوي للمنظمة، والذي من المقرر أن يصدر في وقت لاحق من هذا الشهر، وخلاصتها أن: 38 دولة من مجمل 57 دولة عضوا في منظمة التعاون الإسلامي و55 مليون شخص قد تضرروا نتيجة "الكوارث وحالات الطوارئ المزمنة" خلال عام 2011. وأضاف أن تلك الكوارث تسببت في إجمالي خسائر مالية قدرها 68 مليار دولار، وهو ما يشير إلى ارتفاع في المتضررين والخسائر مقارنة بعام 2010 حيث تضررت فيه 36 دولة و48 مليون شخص، وبلغت الخسائر المادية 53 مليون دولار، وللعلم فإن هذه الأرقام لا تشمل ولا تغطي الأزمات التي شهدتها المنطقة في إطار ما يعرف بالربيع العربي، بينما أورد الإحصائية الأخرى الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي الدكتور صالح بن سليمان الوهيبي حينما كشف في محاضرة له ألقاها مؤخرا في الرياض، من أن %75 من اللاجئين في العالم هم من المسلمين، منوها بأن هذا يلقي على المنظمات والجمعيات الخيرية الإسلامية مسؤوليات كبيرة. ورغم هذه الحال المؤلمة فإن واقع الإغاثة والعمل الإغاثي للمؤسسات الخيرية الإسلامية في الأغلب الأعم يعاني من جوانب قصور واضحة وارتجالية غير خافية، وإشكالات متعددة تحتاج إلى نقاش وحلول، لعل من أهمها: ـ عدم وجود مؤسسات متخصصة في العمل الإغاثي حصرا، إلا ما ندر، وأغلب المؤسسات الخيرية الإسلامية تعمل في الإغاثة والرعاية والتنمية، بينما يكون عمل الإغاثة ملازما للكوارث الطبيعية والحروب والطوارئ، وحسب تعريف الأمم المتحدة فإن تعريف الإغاثة الإنسانية هو: "المساعدات التي تسعى إلى إنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة عن السكان المتضررين من أزمة ". ـ عدم وجود صناديق للإغاثة والطوارئ، يكون بإمكانها على الفور تقديم الدعم اللازم للإغاثة التي لا تحتمل التأخير، وهو ما يجعل أغلب الجمعيات تخصص مبالغ محدودة في البداية لعمليات الإغاثة، ثم تضطر لإقامة حملات تسويقية لجمع التبرعات من أجل تقديم مزيد من المعونات والمشاريع الإغاثية. ـ ضعف التدريب على أعمال الإغاثة بصورة محترفة، وقلة الخبرة في العمل وفق القانون الإنساني (مشروع أسفير الإنساني والمعايير الدنيا في مجال الاستجابة الإنسانية). ـ عدم وجود مخزون إستراتيجي لهذه المنظمات والذي يحوي مواد غذائية وغير غذائية كالبطانيات والفرش والخيام وغيرها لتكون جاهزة وقت الطلب. ـ ضعف التنسيق بين المؤسسات الخيرية على مستوى تقديم الإغاثات في الميدان (مواقع الكوارث والنكبات والحروب)، وحتى على مستوى تنظيم حملات التبرعات. ـ ندرة وجود مظلات لتنسيق عمل الهيئات الإغاثية كما هو الحال في " أوتشا " وهي مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، حيث لا يوجد على مستوى العالم الإسلامي سوى " أمانة الشؤون الإنسانية " بمنظمة التعاون الإسلامي، والتي لها محاولات خجولة لضم المنظمات الأهلية تحت مظلتها، لكن هذه المحاولات قليلة ومحدودة. ـ ضعف الحملات التي تقوم بها هذه المنظمات للتوعية بكارثة وشيكة، والتحذير من مخاطرها الإنسانية، وطلب الدعم المسبق والتهيئة لمواجهتها، على طريقة " الوقاية خير من العلاج"، ودائما فإن تكلفة تدابير مواجهة الكارثة قبل وقوعها، أقل بكثير من الاستجابة للطوارئ والعمليات الخاصة بها، ومن أمثلة هذه الحملات ما قامت به جمعية قطر الخيرية في دولة قطر للتوعية بمخاطر المجاعة بغرب إفريقيا، والتي قد تستفحل في الأشهر القادمة، في ما لم تتخذ تدابير وقائية لمواجهتها، وتمت الحملة بواسطة شابين قطريين تسلقا جبل كليمنجارو (أعلى قمة في القارة السمراء). ـ ندرة وضعف التفاهم والتفاوض مع الجهات الرسمية من أجل التشديد على مسألة عدم تدخلها في مجريات العمل الإنساني، وفقا لأهوائها السياسية وأجنداتها، وممارسة الضغوط من أجل السماح لها في العمل في المناطق المنكوبة الواقعة تحت سيطرتها، كما هو حاصل في سوريا اليوم. إن المؤسسات الخيرية العربية والإسلامية يمكن أن يكون لها مزيد من التأثير في دورها الإغاثي الإنساني فيما لو عملت على تجاوز العقبات السابقة، وإيجاد حلول لها، وبخاصة أنها أثبتت أن بإمكانها أن تكون سبّاقة في مواجهة بعض الكوارث، كما حصل في زلزال باكستان الأخير، متقدمة على المنظمات الغربية، وبأنها تستطيع أن تصل إلى مناطق تعجز المنظمات الدولية والأممية عن الوصول إليها، كما في الصومال، بسبب أنها تحظى بقبول أكبر من مجتمعات المتضررين، بسبب أنها لا تتوجس منها خيفة، بسبب أجنداتها كما هو حال بعض المنظمات الغربية.