11 سبتمبر 2025

تسجيل

تخلصي من الإرهاب كان بالصدفة وليس بالذكاء

11 مارس 2020

كانت قصتي في التخلص من (الإرهاب ) قبل معرفته أو قبل انتشار أعمال العنف التي تقوم بها بعض الجماعات الإسلامية والتي أطلق عليها فيما بعد(الإرهاب )؛ وتعتبر هذه القصة متابعة لتطور موضوع قديم ثم ظل هذا الموضوع يتطور حتى أطلق عليه (الإرهاب ) المعروف الآن. وكانت هذه القصة بعيدة وغير متوقعة والتي حدثت أثناء إرسال العديد من الشباب العرب للعمل الفدائي ضد الجيش السوفييتي بعد غزوه لأفغانستان في بداية الثمانينيات من القرن الماضي عندما احتل السوفييت أفغانستان لحماية النظام المتطرف هناك من غضب شعب أفغانستان المسلم على ذلك النظام البائد. وبدأت قصتي الغريبة عن طريق أستاذي في المرحلة الإعدادية ذلك الأستاذ الفاضل المدرس للغة الانجليزية والذي كنت أكن له الاحترام والتقدير بصفته المربي لي وأستاذي للغة الانجليزية في حينه. وعن طريق أستاذي بعد احتلال الاتحاد السوفييتي السابق لأفغانستان وما أثاره ذلك الاحتلال من ضجة سياسية إسلامية كبيرة ومخاوف المنطقة والغرب وعلى الأخص الخليج بعد أن أصبح الجيش الأحمر السوفييتي قريباً من ما يسمى بالمياه الدافئة في الخليج والأصح قريباً من منابع البترول في المنطقة. وبعد ذلك الزمن البعيد أود اليوم في هذه المقالة كشف وإيضاح بعض جوانب ما حدث وهو بعد أن احتل الجيش السوفييتي أفغانستان تبع ذلك مخاوف كبيرة من مواصلة هذا الزحف باتجاه منطقة الخليج البترولية وكان لا بد من مقاومة ذلك الزحف الشيوعي على الأقل بتشجيع الشباب على مقاومة العدوان الشيوعي المتوقع قدومه وبعد حدوث تلك التطورات قيل أن نصيحة واشنطن كانت حسب ما علمنا تشجيع دول الخليج على القيام وبأسرع وقت في تجهيز الشباب وتسليحهم وتدريبهم وإكرامهم مالياً ودفعهم للسفر إلى أفغانستان لمقاتلة الجيش السوفييتي الغازي هناك ومن خلال الأعمال الفدائية في جبال أفغانستان الوعرة بالإضافة إلى وقوف أميركا والدول الغربية إلى جانب دول المنطقة العربية والإسلامية مثل إيران وباكستان وأفغانستان لمنع تقدم الخطر الشيوعي العدواني. وخلال عملي لفترة قصيرة في العطلة الصيفية مشرفا على عدد من الطلاب الأصغر مني لتحفيظهم سور القرآن الكريم القصيرة وفي نفس الوقت كنت أحاول أن أحفظ بعض سور القرآن الكبيرة خلال تلك الفترة البعيدة. وعلى غير موعد جاءني أستاذي الذي كان يدرسني اللغة الانجليزية ومعه مرافقين لا أعرفهم فسلم علينا مع مرافقيه وأمضى عدة دقائق يفاوضني بالموافقة على ذهابي مع الفدائيين الخليجيين والعرب إلى أفغانستان للقيام بأعمال فدائية ضد الكفر السوفييتي الغازي لأفغانستان. ومما قاله أستاذي الفاضل لدى وصوله.. ماذا تعمل هنا فقلت له أحفظ الشباب القرآن للسور الصغيرة وأحاول احفظ بعض السور الكبيرة استعدادا للمرحلة القادمة... فقال أترك هذه الشغلة لقد وجدت لك شغله أهم واكبر مع العديد من زملائك وهي ان تجهز نفسك لتسافر مع المجاهدين الخليجيين لمقاتلة الكفر السوفييتي في أفغانستان الإسلامية من خلال الأعمال الفدائية وسوف تحصل على مصاريف أكثر من هذه الشغلة إضافة إلى الدفاع عن دينك ووطنك الإسلامي. وبطريقة تلقائية وعفوية رديت على أستاذي وقلت له ما الخطر الذي يمثله الكفار علينا في الخليج وهم في أفغانستان البعيدة عنا ؟ فرد علي بسرعة: يخرب عقلك ما بتعرف أن أفغانستان بجانبك.. بدك نعلمك جغرافيا أنا جيت لك لأني أعرف يا أبني صالح أنك سوف تأخذ مصاري جيدة وتصبح بعد فترة رجل قيادي معروفاً في مقاتلة الكفر أنت والشباب تذهبوا لمحاربة السوفييت الذين يسعون للوصول إلى أبار النفط الخليجية. وحسب اعتقادي أن ردي الأخير في حينه كان موفقا رغم أن ذلك الرد كان عفويا.. فرديت عليه بعدم الموافقة ومما قلته له حتى أتخلص من ذلك الطلب.. أستاذ خليل قال نعم.. قلت له والله لن أوافق على ذلك ولكنني في نفس الوقت مستعد فورا للموافقة وللسفر لمحاربة اليهود لتحرير القدس الشريف من الاحتلال الإسرائيلي وبعد تحرير القدس نذهب جميعا الى أفغانستان وغير أفغانستان لتحريرها. ولم أتوقع أن يصده ذلك الرد وبسرعة تركني أستاذي الفاضل مع رفيقيه وهو يردد عبارات غير مفهومة وبصوت خافت وأغلب الظن أنها كانت عبارات غاضبة ضدي لإصراري على الرفض لأنني وغيري الآلاف من الطلاب كنا متأثرين بخطب الأستاذ فتحي البلعاوي الشهيرة في حينه حول تحرير فلسطين والقدس من الاحتلال الإسرائيلي عندما كان البلعاوي مدرسا في المدارس الإعدادية والثانوية القطرية. ومن خلال متابعة بسيطة لتلك الواقعة البعيدة والتي ما تزال عالقة في ذهني عرفت أنني كنت سأكون من الدفعة الفدائية الأولى إلى أفغانستان وربما الدفعة التي عادت من أفغانستان وضمت المرحوم أسامة بن لادن الذي قيل انه هجر بلاده بعد عمله الفدائي الناجح احتجاجا على عدم منحه منصب مناسب بعد عودته كبطل منتصر في هزيمة الروس والذين تركوا أفغانستان بعد ذلك. وبعد تلك التطورات علمت انه كان المطلوب للتجنيد والذهاب إلى أفغانستان عددا كبيرا فقد كانت الحملة شاملة في المنطقة العربية وخاصة دول مجلس التعاون التي قيل انه ذهب الكثير من الشباب لمقاتلة الجيش السوفييتي والذي مني في النهاية بالهزيمة بعد حروب قوية ضده إلى جانب الأعمال الفدائية الشجاعة والفعالة وقيل انه استشهد من فدائيي العرب الكثيرين. وعاد الشباب بعد محاربة السوفييت بالانتصار ونال الشهداء الرحمة من الله ولكن الأحياء وكان من أبرزهم أسامة بن لادن حسبما قيل كانت لهم تطلعات الأبطال في مجال الوظائف الهامة في بلدانهم إلا أن ذلك واجه المصاعب. وقيل كذلك والله أعلم ان البداية كانت في انتشار الإرهاب بعد عودة الشباب الذين حاربوا السوفييت في أفغانستان والذين كانوا يطمحون بعد العودة إلى أوطانهم بالحصول على وظائف عالية وهامة بعد أن أصبحوا يعتبروا أنفسهم أبطال ولكن ذلك لم يتحقق لهم مما اضطر بعضهم إلى ترك بلدانهم والاختفاء وبعد فترة زمنية تحول الكثير منهم إلى إرهابيين منذ تلك الفترة. وانتشرت حكايات أخرى كثيرة في حينه أن الأميركان وهم من شجع على إرسال الشباب لمحاربة الشيوعية في أفغانستان هم من حذر دول المنطقة من الموافقة على منح الشباب العائد وظائف هامة أو عالية نظرا للخطر الإسلامي المتشدد الذي اكتسبوه أثناء الجهاد مما يجعلهم يشكلون خطرا فعليا على أنظمة بلدانهم في المستقبل. وقيل كذلك أن أسامة بن لادن كان أول الغاضبين على عدم تلبية طموحه ولذلك ترك بلاده إلى السودان ثم الاختفاء بعد ذلك ولم يعرف مكانه إلا بعد التحاقه مع بعض رفاقه الذين اندمجوا في جماعات شبه متمردة اطلق عليها (الإرهاب ) والبعض الآخر من العائدين تفهموا الأوضاع القائمة في بلادهم واندمجوا بين أهلهم ومواطنيهم. وبعدها استمر الزمن منذ حينه يطوي سنوات طويلة حاملا معه الإرهاب الذي كبر وتوسع وأصبح اليوم يشكل خطرا عالميا يشغل كل العالم مما اضطر هذا العالم إلى إقامة المؤتمرات لمقاومته ووقف انتشاره إضافة إلى توظيف هذا الإرهاب من قبل بعض الدول الكبرى لصالحها. [email protected]