16 أكتوبر 2025

تسجيل

حيزت لك الدنيا بحذافيرها.. فلماذا الشكوى؟!

11 مارس 2019

لا يليق أن يشتكي من تظله السماء وتقله الأرض وهو في أمن وأمان في وطنه يجد لقمة عيشه، معافى في بدنه من الأمراض، فعيبٌ عليه يشتكي القلة وضيق الحال وهذا وصفه، كما ورد في الحديث: «من أصبح آمنا في سربه، عنده قوت يومه، معافى في بدنه، فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها» انظر ما أجمل الوصف وأبلغ اللفظ، أي جُمعت وضمت له الدنيا كلها بنعمها. إن من يخرج من بيته ويودع أهله لأنه لا يعلم هل يرجع إليهم في المساء أم لا؟ بسبب الحروب والقتل والخطف، أنت أفضل منه في أمن وأمان فلا تشتكِ، إن من لم يجد قوت يومه ولا لقمة تقيم صلبه وتجده يعمل بالساعات مقابل وجبة الإفطار والغداء في بعض الدول الفقيرة، أنت أفضل منه فلا تشتك، فربع سكان الأرض يقومون الصباح همهم تأمين لقمة الطعام. من يقضي حياته على الأسرة البيضاء وطوابير الصيدليات يبحث عن الشفاء، أنت أفضل منه فلا تشتك، فإن أكثر من ٨٠٠ مليون إنسان على وجه الأرض ينتظرون الموت بسبب الأمراض، إنك فوق ملايين الناس وأنت لا تشعر فاحمد الله ولا تشتك، يقول بحّار ظل قاربه في المحيط الهادي وبقي عشرين يوماً ينتظر الموت ولما نجا سأله الناس عن أكبر درس تعلمه من هذه التجربة فقال: إذا كان لديك الماء الصافي والطعام الكافي يجب الا تتذمر أبداً، وصدق فهذه الحياة كلها لقمة وشربة ماء وظل وارف وما زاد عليها فهو فضل. عيبٌ أن تشتكي وأنت في الخليج راتبك يكفي عشرين أسرةً أكلاً وشرباً وسكناً وتعليماً في بعض الدول، بينما هناك أساتذة في الجامعات في دول كثيرة رواتبهم لا تتجاوز ٢٠٠ دولار في الشهر ومع ذلك يعيشون العفاف والكفاف، فعيب عليك أن تشتكي القلة وأنت تجد الكمال في العيش وزيادة، تريد الرفاهية ولم تطمح للقناعة فعشت في شكوى وقلق واضطراب. عيب أن تشتكي وأنت تسكن القصور الفاخرة والفلل الواسعة والشقق المريحة وتشتكي الضيق فيها وغيرك يسكن صفيح الزنك في غرفة واحدة لأسرة كاملة تلفح وجوههم هاجرة الظهيرة، عيب أن تشتكي من قلة الملابس الجديدة لتشتري ملابس لا تكفي الدولاب والدولابين وغيرك لا يجد لباساً يستر عورته، عيب أن تشتكي الملل من أكل الطعام المعتاد عليه لمجرد الترف في الأكل بينما هناك أناس في بقاع الأرض يقتاتون على مكبات النفايات بحثاً عن لقمة غني رماها بذخاً في النفايات وقد لا يجدونها، عيب أن تشتكي الكسل والدعة والخمول في جسدك وغيرك مشلول منذ سنوات أو مبتور القدم أو اليد وأنت معافى سليم الجسم لا تشكو الا من التخمة والكسل، فعيب أن تشتكي. عيب عليك أن تشتكي فلو ركبت سيارة فارهة أو سيارة صغيرة فالطريق الذي تمشي عليه واحد لن يتغير، وسواء تحدثت بأفخم جوال بآلاف الريالات أو جوال قيمته مائة ريال فمن تتصل به سيبقى كما هو، وسواء لبست ساعة رولكس أو ساعة عادية فالوقت يبقى كما هو، وسواء ركبت الطائرة في الدرجة الأولى او السياحية فالوجهة تبقى واحدة، فاقتنع بما رُزقت وقل الحمد لله وعيب عليك أن تشتكي وهذا حالنا. أعجبني قول لمفكر هندي يقول: إذا كان كل ما تملك هو المال فأنت أفقر رجل على وجه الأرض، وإذا كنت تريد أن تكون غنياً حقاً فاذرف دمعة وانظر كم من الأيدي التي ستمد لك تمسح دمعتك، فعيب علينا جميعاً أن نشتكي، فلنحمد الله على النعم ونشكره على الدوام.