14 سبتمبر 2025

تسجيل

ثقافة الحوار مع الأطفال (4)

11 مارس 2014

تناولنا فى المقالات الثلاث السابقة تحت نفس العنوان كيف يمكن للأم أو من تتصدى للتربية فهم ما يدور فى ذهن صغيرها من ألم أو سرور .. وحاولنا أن نوضح لها كيف تكتشف هذا بنفسها وبالتالى كيف تتعامل معه وأن ذلك مسئوليتها بالكامل وعليها أن تتحمل ما قد يترتب على هذا من معاناة نتيجة فشل الحوار. كان كل ما سبق يتركز حول الأطفال الذين لا يمكنهم التعبير عما بداخلهم .. فماذا عن الأطفال الأكبر سنا والذين يستطيعون التحدث والتعبير بل والنقاش .. هذا ما سنتناوله فى مقالنا هذا . ونود أن نوضح فى البداية حكمة وصدق مقولة سيدنا على بن أبى طالب وبعد نظره فيما ذهب إليه من أننا يجب علينا أن تكون تربيتنا لأولادنا مختلفة عما نشأنا عليه لأنهم خلقوا لزمان غير زماننا .. وبالتالى فإن للحوار بيننا وبين صغارنا آداب يجب أن يراعيها كلا الطرفين .. ولكن العبء كله يقع على عاتق الكبار من حيث التوجيه والمتابعة .. وقبل وبعد كل ذلك القدوة الحسنة . فى الماضى كانت الحياة تمضى بشكل مختلف عما نحن فيه الآن حيث كانت المنازل متوافرة وواسعة وحتى لو لم يكن المنزل مناسبا لعدد أفراد الأسرة واحتياجاتهم فإنه من السهل توفير البديل المناسب .. ومن جانب آخر كانت الأسر حتى الطبقات المتوسطة منهم تستطيع توظيف مربية أو أكثر فى المنزل .. معنى هذا أنه كان هناك حاجز أو فلنقل عدم ألفة زائدة بين الأبوين والأبناء عند الخروج للمناسبات الإجتماعية أو للزيارات العائلية حيث لا يصطحب الأبوان الأطفال تاركين إياهم لبعض الوقت فى رعاية المربيات .. والأمر نفسه عند استقبال ضيوف فى المنزل وكان المسموح فقط هو السلام على الضيوف أو على الأكثر الجلوس لبعض الوقت .. ثم بنظرة واحدة من الأم ينسحب الأبناء كل إلى غرفته ولواحتاج أحدهم لأى شئ فدائما المربية هناك وهى فى معظم الأحوال تكاد تكون عضوا من العائلة وبطول المدة تعرف المطلوب منها تماما خاصة فيما يتعلق بالأبناء .. كان هذا فى الزمن الماضى الجميل .. فماذا عن الآن؟ معظم الأسر من الطبقة المتوسطة – ناهيك عن الفقيرة منها – تقطن فى منازل ضيقة تفى بإحتياجاتهم بالكاد وفى معظم الأحيان لا تفى بالمطلوب بل قد يعيش الأبناء من الجنسين فى غرفة واحدة وفى أحيان أخرى كثيرة لا تجد الكثير من الأسر غير شقة أحادية الغرفة لتسكن فيها الأسرة بالكامل .. نتيجة لذلك إختلف المناخ السائد بين أفراد الأسرة الواحدة حيث أصبح هناك نوع من الألفة الزائدة عن الحد بين الكبار وبعضهم من ناحية وبين الصغار وبعضهم من الجنسين - وهو أمر جد خطير - من ناحية ثانية وبين الصغار والكبار – وهذا هو الأكثر خطورة فى الأمر فيما يتعلق بالموضوع الذى نحن بصدده – من ناحية ثالثة وهو ما سنحاول التركيز عليه هنا . وعلى عكس ما كان يحدث فى الماضى أصبحت الأسر تصطحب صغارها أينما ذهبوا حيث أصبح من الصعب – إن لم يكن من المستحيل – إستخدام مربية يبقى معها الصغار .. والأمر نفسه عندما تستقبل الأسر ضيوفا فليس هناك بد من البقاء مع الكبار .. وبالطبع لا يخلو الأمر من بعض التباسط فى الحديث أو الضحكات التى ولابد أن يسمعها الصغار .. المشكلة الأكبر عندما يزيد الأمر من بعض الكبار باعتبار أن هؤلاء الصغار لا يفهمون بعض الكلمات أو العبارات أو الإيحاءات .. وقد أعجبنى رأى ساقته الدكتوره هبه محمد وجيه قطب أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة فى جريدة الأهرام حيث تؤكد أن الأطفال فى شدة الذكاء ويمكنهم تركيب المشاهد والكلمات كتركيب لعبة المكعبات لتكتمل الصورة النهائية لذلك لابد أن يراعى الآباء ما يقال فى أثناء وجود الأطفال لأنه من الطبيعى أن يكرروا ما يُقال أمامهم ولا يستطيع الأهل توبيخهم على ذلك فيما بعد لأن الرد معروف مسبقا من أن هذا أو تلك من الكبار قال أو قالت هذا .. فإن كان هذا القول لا يليق فلماذا قالوه أمامنا ؟ ولماذا سكتم أنتم على ذلك ؟ .. وأنا أتفق مع د. هبه فيما ساقته .. بل وأحييها عليه . خلاصة القول أنه أصبحت هناك ألفة زائدة بين الكبار والصغار لدرجة أن هناك بعض الأسر يسمح فيها الأبوان للصغار بمناداتهم بأسمائهم المجردة .. بل ويعتبرون ذلك نوع من الفرنجة تستحق المباهاة .. وعندما يزيد الأمر عن حده ويستوجب التوقف يصبح ذلك صعبا إن لم يكن مستحيلا. ما هى أسباب تلك المشكلة وما هو الحل المناسب لها ؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه فى مقالنا القادم بحول الله .