19 سبتمبر 2025
تسجيلتنامت مؤخراً الفكرة القائلة إن مدراء الاستثمار يجب أن يسعوا إلى التأكد من أن الشركات التي يستثمرون فيها تنهض بمسؤولياتها المتعلقة بالشؤون الاجتماعية والبيئية. وأصبح اختصار (ESG)، الذي يشير إلى القضايا البيئية والاجتماعية وقضايا الحوكمة، مع ما يرتبط بها من تصنيفات، أكثر شيوعًا. وقد احتج بعض السياسيين المحافظين، حيث أكدوا على أن الغرض من وجود مديري الأصول يكمن في تحقيق عوائد استثمارية جيدة، وليس المشاركة في النشاط السياسي مستفيدين في ذلك بأموال أشخاص آخرين. وكانت ردة الفعل العنيفة قوية لا سيَّما في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قامت بعض الولايات التي يديرها الجمهوريون بسحب استثماراتها في الصناديق البيئية والاجتماعية وصناديق الحوكمة، وقام مديرو الاستثمار بالترويج لذلك، بحجة أنها أجندة «صحوة». وأصدرت نحو 18 ولاية تشريعات تحظر التمييز ضد الاستثمار في شركات الوقود الأحفوري أو الأسلحة. وفيما يتعلق باحترام الواجب الائتماني لمديري الاستثمار، فإن منتقدي الاستثمار الموجه بهذه الاعتبارات لديهم حق في ذلك. وهناك حجة تتمثل في أن التصنيف الجيد للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة لا يمكن اعتباره بديلاً للحوكمة السليمة والاستراتيجية المربحة. ويُصنف العديد من الكتاب الذين يؤيدون هذا النهج على أنهم أكاديميون محافظون. وما أصبح معقدًا هو أن بعض الصناديق ذات التصنيفات البيئية والاجتماعية والحوكمة العالية لم تحقق عوائد جيدة في العامين الماضيين. ومن الممكن النظر إلى التصنيف الجيد لهذه المعايير على أنه ضروري، ولكنه ليس كافيًا، لأهليتها للاستثمار. وعلاوةً على ذلك، يمكن أن يؤدي التركيز الضيق عليها وعدم الاستثمار لتعزيز الأرباح في النهاية إلى تراجع أداء الشركة. وقد يكون التصنيف القوي لهذه المعايير مؤشرًا لمنظور طويل الأجل، ولكن يجب أن يأخذ مكانه بشكل معقول إلى جانب التقييم الدقيق للصحة المالية ومستوى الإدارة واستراتيجية الشركة وآفاقها. وتلوح قضية تغير المناخ في الأفق، والحجة التي تدفعنا إلى النظر لهذه القضية بعين الاعتبار بصفتنا من المستثمرين هي أن هذه المخاطر ذات طبيعة وأبعاد مختلفة؛ لأنها تفرض تهديدًا قد يتمثل في حدوث اضطراب شديد في أي نموذج عمل على المدى الطويل. ويرى كثيرون أن تشجيع سياسات الحد من الانبعاثات الكربونية الصافية إلى مستوى الصفر هو اعتبار عقلاني بالنسبة للمستثمرين، وليس خيارًا سياسيًا، وخاصة لدى الأطراف التي تتمتع بأفق طويل الأجل، مثل صناديق التقاعد وصناديق الثروة السيادية. وتؤثر الأحداث المناخية المتطرفة والتغيرات في الظروف المناخية بالفعل على قطاع التأمين والسياحة والزراعة. فعلى سبيل المثال، أدى ارتفاع درجات الحرارة في جنوب أسبانيا إلى تحذير العلماء بأن إنتاج زيت الزيتون من المرجح أن ينخفض بنسبة 30% بسبب ارتفاع درجات الحرارة والجفاف، وهي التحذيرات التي انطلقت حتى قبل حدوث موجة الجفاف وارتفاع درجات حرارة الشتاء خلال العام الحالي. وفي صيف 2023، انخفضت حجوزات السياحة وارتفعت عمليات إلغاء الرحلات الجوية في البحر الأبيض المتوسط بعد أن دمرت حرائق الغابات مساحات كبيرة من الغابات والمساكن في اليونان وإيطاليا وتونس والجزائر. وعلى الرغم من زيادة حدة المناقشات حول الاستثمارات ذات الصلة بالجوانب البيئية والاجتماعية والحوكمة، فإن تأثير الجدل السياسي على قرارات الاستثمار ربما يكون محدودًا. وقد أشار تقرير حول هذه القضية نشرته صحيفة فايننشال تايمز في شهر ديسمبر الماضي إلى وجود تأثير بسيط فقط لحملات سحب الاستثمار التي يشنها المحافظون. ومن غير الوارد أن يتباهى مديرو الصناديق رفيعة المستوى، مثل لاري فينك من شركة بلاك روك، بالنظر إلى الاعتبارات البيئية على محمل الجد قياسًا بما كانوا عليه قبل عامين، وقد تخضع مؤشرات الحوكمة البيئية والاجتماعية وقضايا الحوكمة لتدقيق أكثر صرامة، لكن البيئة نفسها ستقتضي إحداث تغييرات معينة في سياسات الاستثمار، وستكون هناك ضغوط دائمة من أجل تحقيق الشفافية فيما يتعلق بشؤون العمل والبيئة. وتؤكد رؤية قطر الوطنية 2030 على أهمية المسؤوليات الاجتماعية والبيئية. وكانت بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 محايدة كربونيًا، وتشجع كل من هيئة قطر للأسواق المالية وبورصة قطر الشركات المدرجة فيها على الإبلاغ عن إجراءاتها البيئية والاجتماعية والقضايا المتعلقة بالحوكمة. ويمكن القول إن المسؤولية الاجتماعية والبيئية أمر جيد، بل وضروري بالفعل، في السياسة العامة.