28 أكتوبر 2025

تسجيل

تحول الشركات العائلية

11 فبراير 2018

بدائل متاحة لتعزيز قدرتها التنافسية البيوتات العائلية في دولنا الخليجية هي عماد الاقتصاد الوطني، وهي ما تميز المجتمعات الخليجية منذ مئات السنين والحفاظ عليها ودعمها هو جزء رئيسي من تحقيق التنمية المستدامة. ووسط التطورات والإصلاحات الاقتصادية الراهنة، تواجه هذه الشراكات جملة من التحديات تفرض عليها البحث عن البدائل المتاحة لتعزيز قدرتها التنافسية وديمومتها، وكثيرا ما يبرز أمامها وسط هذه الظروف خيار التحول إلى شركة مساهمة عامة. ولمن هو يتابع أدبيات وتجارب الشركات العائلية في العالم، فان موضوع تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة ليس بالجديد بل عمره مئات السنين. لكن الأسباب التي تؤدي إلى هذا التحول تختلف بين شركة وأخرى وبلد وأخر. فعلى سبيل المثال، يعتبر تحول شركة سنسيبريز في المملكة المتحدة، من التجارب العالمية الناجحة. فقد تأسست هذه الشركة عام 1896 من قبل جون سنسيبرى وزوجته مارى. وفى عام 1973 تحولت إلى شركة مساهمة عامة فى قطاعات الإنتاج الغذائي ولها حوالي 440 فرعا داخل المملكة المتحدة تبيع أكثر من 23 ألف منتج منها 40% تحت علامة سنسيبريز. وقامت بإنشاء بنك سنسيبرز فى المملكة المتحدة بالاشتراك مع بنك اسكتلندا. وتحتفظ العائلة حاليا بنسبة 30% من إجمالي أسهم الشركة وتحتل المرتبة 203 بين شركات العالم. إن التحول إلى شركة مساهمة عامة قد يتم تحت ضغط عوامل داخلية وذاتية أهمها التخوف من التفكك والزوال أما بسبب موت مؤسس الشركة أو الخلافات الداخلية أو ضعف الموارد أو غيرها. وقد يكون بسبب عوامل خارجية بفعل طرح برامج للإصلاح الاقتصادي تستهدف تحويل الكارتلات العائلية المسيطرة على قطاعات الأعمال لشركات مساهمة عامة مع السماح لها بالاحتفاظ بنسب ملكية تضمن استمرار سيطرتها على شركاتها من الداخل. وقد سنت معظم دول التعاون تشريعات مماثلة خلال السنوات السابقة، ومع ذلك فان عددا قليلا فقط من الشركات العائلية الخليجية اختار التحول إلى شركة مساهمة عامة. فما الذي يحول دون قيام الشركات العائلية الخليجية بتبني هذا الخيار؟ بالنسبة لكثير من الشركات العائلية الخليجية يرى أصحابها ان نجاحاتها قد تحققت بفضل جهود ذاتية مضنية امتدت إلى أكثر من جيل أو جيلين ما يصبح معه من الصعب التفريط بهذه النجاحات وتقديمها "هبة" إلى الآخرين خصوصا ان هذه الشركات باتت تمثل جزءا أساسيا من "الوجاهة الاجتماعية" التي تتمتع بها هذه العائلات في المجتمع، وهي تخشى أن يتم تفسير هذا التحول بأنه من علامات ضعف الشركة أو عدم قدرتها على إدارة شئونها أو تدبير أمورها، أو أنه يعتبر تفريطا بما تركه الأجداد والآباء. وبالنسبة لعدد آخر من الشركات العائلية الخليجية فان تخوف أصحابها من تغيير شكل ملكيتها ينبع من عدة مصادر. فأولا التخوف من فقدان السيطرة على الشركات التي يديرونها، وثانيا التخوف من اضطرارهم كشف حجم ثرواتهم وأسرار أعمالهم أمام الجمهور، وثالثا التخوف من توضيح مراكزهم المالية الحقيقية أمام السلطات الحكومية مما قد يعرضهم لفرض ضرائب اكبر (فى حالة وجود هذه الضرائب). وأخيرا التخوف من الضغوط التي سوف يمارسها المساهمون الجدد من اجل تغيير استراتيجيات عمل الشركة او اجبارها على توزيع أرباح نقدية أعلى. ومع ذلك، يجب أن نسجل للعديد من الشركات العائلية التي اختارت التحول إلى مساهمة عامة أنها حققت نجاحات متميزة وحافظت على ملكيتها العائلية بنفس الوقت وهو ما يشجع شركات أخرى على الدخول إلى هذا المضمار.