12 سبتمبر 2025

تسجيل

خواطر حول الحريّة

11 فبراير 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); إذا كان الفلاسفة الإغريق، اعتبروا الحرية انفلاتا يتناقض مع الحياة الأخلاقية، فإن الغرب لاحقا قد حوّلها إلى مفهوم فلسفي غارق في النظريات الإنسانية، يشكلونه كيفما شاءوا، يحلّون حرامه ويحرمون حلاله، وفقا لمصالحهم هم فحسب لا غير.بالتأكيد ما سبق يختلف من فهم إلى فهم، ومن تطبيق إلى تطبيق، فممارسات الأنظمة والحكومات هناك، تختلف عن مؤسسات المجتمع المدني غير الموجهة.عندما جاء الإسلام، صنع ثورة حتى في الاعتقاد، عندما أثبتها "لا إكراه في الدين"، بل عبّد طريقها السلوك والهدي النبوي، وسطّر حروفها على الأرض الخلفاء الراشدون، ويكفينا استذكار مقولة الفاروق عمر رضي الله عنه: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا. لنعلم عن السقف الذي تم تحطيمه في حرية توجيه النصيحة المسؤولة، وفق فهم ولا أروع للإنسانية.الحرية مبادئ ومفاهيم، وفي إنعاشها حياة للمجتمع، إذ بإمكانها أن تصنع شعبا ناقدا محبا وناصحا، في إطار وطني مسئول. كما أن في تشويهها فرصة سانحة لصنع شعب ناقم متصيّد منتظر الزلات.مجتمعاتنا -وبسبب الفهم الضيّق- نجحت في ترسيخ بعض المفاهيم الخاطئة، بأن الحرية هي وسيلة للتحرر من كل الأطر والقوانين، أيا كانت، اجتماعية أو سياسية أو أخلاقية، بل حتى الدينية منها.مجتمعاتنا صنعت قيودا متسلطة على الحريات، تسببت بخروج حريات منفلتة، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا، قد تختلف من دولة إلى دولة أخرى.هي ببساطة، إذا زاد التسلط والاستبداد، تجد وتيرة التطرف ترتفع في الجهة المقابلة.عندما ترتفع وتيرة التشدد الديني، يرتفع معها سقف التحرر عند طرف آخر.نظامنا التربوي والتعليمي لم ينجح في زرع ثقافة الاختلاف وقبول الآخر بين التلاميذ صغارا وكبارا.الطلبة لدينا إذا اختلفوا مع المعلم، تحولت سنتهم الدراسية إلى كوابيس مزعجة، هل سأنجح أم لا؟الإبداع يحتاج مساحة من الحرية، ليست على الأرض فقط، وإنما في فضاء العقول والمناقشات.كلما زادت القوانين وتصلّبت تجمّد الإبداع، وأصبحت الحرية مثل الطائر المحبوس في قفص يخشى الخروج منه، حتى لو كان الباب مفتوحا؟!الكاتب والمبدع ورسام الكاريكاتير، يتنازعه هاجس أمني متسلط داخل عقله، يفتّش بين أفكاره وكلماته، فكيف له أن ينطلق في إبداعه.في دولنا العربية عموما، الإبداع بات جريمة، والمبتكرون لن تجد لهم أرضا تستوعبهم إلا ما ندر؟!باتت العين على من يمارس حريته المسئولة في نقد ما يراه من ممارسات ليست صائبة في المجتمع، وبدل أن يحيا المجتمع بالنقد الإيجابي النافع، يتم تحشيد بعض المرتزقة والساقطين لمواجهته، بينما يعبث الفاسدون والسرّاق بما تبقّى من دولنا.لا يفترض أن أتفق معك حتى أناصرك، لأن الدفاع هنا عن المبدأ وليس عن الشخص. وهذا لا يعني أن من أخطأ لا يتحمل وزر ما فعل، بشرط ألا تزر وازرة وزر أخرى، هكذا أصّلها الإسلام.يقول فولتير: "أنا لست من رأيكم، ولكنني سأصارع من أجل قدرتكم على القول بحرية". من قال بأن من ينتقد بحرية ومحبة، شخص غير وطني ولا يحب الخير لبلده وهو ضد بلده، كما قال ذلك أحد الحمقى ذات يوم.ومن قال بأن من يلبس البشت ويرقص العرضة، ويضحك بدرجة 180 أمام وسائل الإعلام، ولا يتكلم عن الأخطاء وقد استأمنته القيادة على مؤسسته، هو فقط الإنسان الوطني!