12 سبتمبر 2025

تسجيل

الدم والحِبر والإرهاب والإعلام؟!

11 فبراير 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); منذ سنوات طويلة، والنقاش السياسي والأكاديمي محتدم، حول سؤال فقهي إعلامي يقول: هل يجوز لوسائل الإعلام أن تهب (الإرهابي) والسفاح والديكتاتور، حرية الوصول إلى الجماهير؟! السؤال بوضوح يعني التالي: هل توفير مساحة حرة، يقوم فيها المجرمون بتبرير إرهابهم، والخروج أمام الجماهير بصورة الحمل الوديع، من الانفتاح على الرأي الآخر، أم جريمة كبرى تنزع لباس المهنية عن الإعلامي، ليتحول إلى أداة لتبرير الجريمة!"برونو فري" و "دومينك رونر" من جامعة زيورخ نشرا بحثا في العام 2006 بعنوان: "الدم والحبر .. لعبة المصلحة المشتركة بين الإرهابيين والإعلام". ذكرا فيه أن الإرهابيين يحصلون على دعاية مجانية لأعمالهم، والإعلام يستفيد ماليا لأن التقارير التي تنشر في هذا المجال، تؤيد من عدد قراء الجريدة، وقيمة الدعاية المنشورة عليها، وزيادة قيمة الدعاية التي يبثها التلفزيون. "ديفيد برودر" مراسل صحفي في الواشنطن بوست، دعا لحرمان (الإرهابي) من حرية الوصول إلى منافذ الوسائل الإعلامية، بداعي أن التغطية الإعلامية والتلفزيونية (تقارير .. مقابلات .. تصريحات .. إلخ...) تتيح له الفرصة للوصول إلى الجمهور، ما يعني تشكيل خلايا متفهمة .. متعاطفة .. داعمة، لذلك التوجه!مشكلة تلك البحوث أنها تستغرق في الكلام النظري، لكنها ليست صادقة في تعريف مصطلح الإرهاب؟!خلال العشرين سنة الماضية، بات كل (الإرهاب) مشاهدا على جميع القنوات الإعلامية، بل على جميع وسائل التواصل الإجتماعي.وعندما أتحدث عن الإرهاب هنا، فأنا لا أعني إرهابا وأستثني آخرا!تلك الدراسات بالتأكيد كانت تعني (الإرهاب) الإسلامي فقط لا غير!لكن الحقيقة؛ أن ما كان يبثّ من إرهاب ضد أمتنا كان أضعافا مضاعفة؟!شاهدنا إرهاب الصرب في البوسنة وكوسوفا، كما شاهدنا الإرهاب الصليبي في أفغانستان والعراق. شاهدنا إرهاب النظام السوري، كما شاهدنا إرهاب غيره من الأنظمة المستبدة التي كانت تعض على كراسيها بالنواجذ وتحضنها بالأيدي والأقدام، ومن لم يفلح في البقاء عليها مع عاصفة ربيع الشعوب، نجحت الدولة العميقة في إعادته محمولا على نعش (الديموقراطية)؟!ليس ذلك فحسب، فالإعلام وفر لنا مشاهدات حية وبشعة للإرهاب الصفوي في العراق وسوريا، كما وفر لنا مشاهدات لأجهزة المخابرات الغربية والصهيونية في صورة حركات (إسلامية) تسعى لتحقيق حلم الدولة (الإسلامية)؟!أمس الأول، خرج السفاح بشار الأسد في مقابلة على قناة البي بي سي أجراها "جيريمي بوين"، محرر شؤون الشرق الأوسط في البي بي سي من دمشق؟!وبغض النظر عن مقتل أكثر من 200 ألف سوري!!وتجاوزا لنزوح الملايين أطفالا ونساء ورجالا، واغتصاب عشرات الآلاف من السوريات والأطفال! خرج السفاح في مقابلته "يتحدث بارتياح لافت ويدافع عن وجهة نظره بحزم"، بحسب مذيع البي بي سي؟!هل تتخيلون أنه كانت لديه الجرأة ليتحدث عن الإرهاب في سوريا! بل كانت لديه الوقاحة لأن ينكر معرفته بالبراميل المتفجرة، ثم أنكر أنهم يستخدمونها، لأنهم –وبحسب قوله- يستخدمون فقط الرصاص والصواريخ والقنابل؟!من المفارقات المبكية، أنه وبعد تلك المقابلة بقليل، أُعلن عن قصف وحرق 120 طفلا وامرأة من أهل دوما بريف دمشق؟!هل تذكرون مقتل محمد الدرة؟ هل تذكرون مقتل الولد الفلسطيني أبو خضيرة؟ هل تذكرون اغتصاب القوات الأمريكية لفتاة عراقية بعد أن اقتحموا بيتها فجرا، ومن ثم ذبحوها وأهلها وأحرقوهم داخل منزلهم، وكل ذلك كان مصورا؟!هل تذكرون مجرزة رابعة؟ هل تذكرون الصور والفيديوهات التي تأتينا من بورما وأفريقيا، حيث تنصب الأخاديد للمسلمين هناك، ويحرقون وهم أحياء؟!أي عاقل لن يجد فرقا في بشاعة تلك الجرائم، وجرائم اغتيال أقل منها بشاعة، أو تساويها، كما شاهدنا الجريمة البشعة في حرق الطيار الأردني مثلا.أرجوكم .. لا تروجون لنا بأن هناك دما أهون من دم؟!أرجوكم لا تقنعونا بأن لعبة الحرب والإعلام هي لعبتكم التي تنطلي علينا دائما، لأن رائحة الخداع قد فاحت في كل مكان وأزكمت الأنوف؟!يريدون أن يقنعونا بأن الإرهاب لا دين له، لكننا اكتشفنا أن الإرهاب (ابن حرام) وأن المتضرر الرئيسي منه هم أهل دين واحد، وهو الإسلام؟!الإرهاب يستخدم وسائل الإعلام، ليس دعما للإرهابيين، ولكنه لتشويه الإسلام أولا، ولنشر الغبن والقهر والحقد والكراهية، التي ولّدت أجيالا من المتطرفين، الذين اختلطت لديهم رائحة الدم والحبر والرصاص بالذلة والقهر والإنكسار؟!باختصار يا سادة: الدم والحرب والإرهاب والإعلام، كلها أسلحتكم التي تفوقتم بها علينا، لتدمروا بها كل أمل في هذه الأمة، لكن ما يلوح في فجر الأيام عظيم، وإن غدا لناظره قريب!