12 سبتمبر 2025
تسجيلنشكر مجلس الشورى على البادرة الطيبة في طلب رأي رؤساء تحرير الصحف المحلية الناطقة بالعربية في مشروع قانون لتنظيم الأنشطة الإعلامية، اي لكل الإعلام بثورته العصرية، ولكن ما دام الإعلام اضخم ثائر في عصر اليوم، كان لقاء الثاني من يناير الجاري الذي تفضل فيه مجلس الشورى ممثلاً برئيسه ولجنة الشؤون الثقافية والإعلام باتاحة الفرصة لمناقشة وسماع رأيهم فقط لقاء ناقصا، حيث لم يشمل اللقاء ممثلا عن كل قطاعات الإعلام والمنتسبين لنشاط هذا القانون الذين سينظم عملهم وقطاعه بل وحقوقهم وواجباتهم، كما لم يساير اللقاء عصرية الثورة الإعلامية والتقنية والتحدي الكبير الذي دخلت فيه شبكات التواصل الاجتماعي والتدوين والنشر والتصوير الفيلمي الالكتروني قبة الإعلام من اوسع ابوابها. هذا المشروع في قطر تشرئب له الأعناق لأنه يرتجى منه ان يؤسس لعصر إعلام جديد ويرسم ملامح واستراتيجية قطاع مهم، طال انتظاره بعدما اهترئ قانون قديم صدر قبل أكثر من 30 عاماًً في 1979لم يواكب العصر وتطوراته ولم يواكب ايضا معطيات الحرية الإعلامية التي منحها سمو الأمير في مجال منع الرقابة وفتح آفاق الجزيرة، ولا النهضة الاعلامية والسمعة العالمية التي حققتها قطر في مفارقة بين ما يبث من قطر وما يبث في قطر ولم يواكب ايضا تطور تشريعات قطر في كافة المجالات والتقدم الكبير والريادي لدولة قطر على غيرها دوليا ودبلوساسيا واقتصاديا ورياضيا. تقدمت قطر ولكن تأخر قانون الإعلام في مفارقة وهذا التأخير يفسر الفرق الشاسع في المهنية والمستوى بين اعلام دولي في قطر وبين معطيات تلفزيون قطر واذاعته البدائيين، فضلا عن مستوى صحافة القص واللزق المطبوعة والغياب الحقيقي للصحافة الاستقصائية وقلة التحقيقات النافذة في صلب الشؤون العامة التي تقف على الجرح الاجتماعي والمجتمعي لتعالجه دون وجل وهي التي لا يمكنها ان تنمو وترتقي الا بوجود قانون يكفل حريتها الحقيقية لا الوهمية ويحميها ويحمي اصحابها العاملين عليها، ويمنع التضييق الذي تجده الصحافة والصحفيون وامتهان او تقليل دورهم ومهنتهم بل وأجورهم وحوافزهم، ويعيد فتح الابواب الموصدة امامهم في خنق للمعلومة وتعتيم على مصادر معلومات الصحفي. اعضاء ثقافية الشورى — رغم اجتهادهم المحمود — بطلب رأي رؤساء تحرير صحفنا المحلية العربية اللسان فقط تعاملوا مع المشروع الجديد بعقلية القانون القديم وكأن القانون ما زال يركز على المطبوعات والنشر والمطابع هذا ونحن في زمن الناشرين الالكترونيين وليس الورّاقين. نحن كإعلاميين ومهتمين بل ومطالبين بهذا القانون كنا نتوقع ان يتأخر ولكننا لم نتوقع أبدا في قطر التي حققت الصدارة في كل شيء أن "يتمخض الجبل فيها ليلد لنا فأرا" فتتأخر الجهود ما بين لجان ولجان وما بين سلطة وسلطة ليناقش تحت اروقة اجهزة متعددة كل في مساره وفي اختصاصه، ولكن نأتي على الآخر فتضيع فرصة وقتية ثمينة كان الأجدر التخطيط لها مسبقا. وإنني اعجب في ذلك من المسارات المتوازية غير المتلاقية التي تعمل بها مختلف اجهزة الدولة، والعجب انه حتى الشوارع والطرق يعمل لها تقاطعات على الأقل لتلتقي في نقطة مهمة، أما الخطط الوزارية فيبدو أن كل جهاز فيها يغرد بمفرده.. دون ترابط للمنظومة او تلاق يخدم الوطن. باجتهاد شخصي أعددت مسودة تقرير لخطة متطلبات إعداد مشروع لقانون شامل في الإعلام في مركز الدوحة لحرية الإعلام تقدمت به لرئيس مجلس الإدارة ونسخة لسعادة وزير الثقافة، وقد عاود وزير الثقافة طلب هذا التقرير مجددا في يونيو قبيل انعقاد الجلسة الأخيرة لدوري شورى 2009 المتمخضة عن توصية الشورى بإنشاء قانون جديد للإعلام وقد تناول الوزير مناقشة هذا التقرير فيها، وقد أثار استغرابي ان الوزير استبعد "مركز الدوحة لحرية الإعلام" وهو احدى الجهات المقترحة ضمن هذا التقرير لتمثيل الجهات الإعلامية لمناقشة مسودة إعداد هذا القانون كما ورد بتاريخ 30 يونيو 2009 في الصحف ومثاله على الرابط: http://www.al — sharq.com/pdfs/[file]s/alsharq1_20090630.pdf وقد شمل التقرير المقدم كافة المقترحات، ومن ضمنها عضوية ممثل عن مختلف منتسبي الانشطة الاعلامية للاستئناس بوجهة نظرهم قبل اصداره، فضلا عن ضرورة وجود ممثل عن مركز الدوحة لحرية الاعلام الذي تقع المساعدة في اعداد القانون وتطويره في صلب اختصاصاته المنصوص عليها في نظامه الأساسي ليس في قطر فحسب بل في مختلف الدول. والتي لا اعلم لماذا تم استبعاده عنها؟ وتحقيقا للشمولية، كنا نتوقع ان يضم لقاء الشورى الى جانب زملائنا رؤساء التحرير اعضاء ممن خبروا الاعلام الالكتروني في قطر وعن تلفزيون قطر واذاعة قطر والاذاعات الناطقة باللغات، وعن المطبوعات والنشر وعن القنوات المقرر عملها بالتراخيص وفقا لقانون سمح بانشاء القنوات والاذاعات الفضائية الخاصة، فضلا عن ممثلين عن الصحف المحلية الناطقة باللغات وممثل عن المراسلين ووكالة الانباء وكتاب وكاتبات الأعمدة الصحفية، وممثل عن روّاد ومتمرسي المدونات والمنتديات الالكترونية المرخصة في قطر والمدونات الشخصية، واعلام المواقع والنشر الإلكتروني والتدوين والتصوير الصحفي والرقمي على الانترنت، فضلا عن خبراء قانونيين متمرسين في هذه الأنشطة او القوانين الدستورية، وممثلين عن الكليتين الاعلاميتين الوحيدتين في قطر، منها قسم الاعلام في جامعتها الحكومية قطر، وممثل عن كلية "نورث ويسترن" في جامعة حمد بن خليفة، واستشراف رأي ممثلين عن الطلاب فيهما، فهم شباب اعلام المستقبل بما فاجأوا به العالم من ثورات الكترونية في الربيع العربي، هذا وصناعة السينما والتصوير الرقمي ونشره وتدريس مجالها في دولة قطر نشاط ضخم بات ملحوظا وبات الشباب خير من يدلي فيه كونهم يتمرسون علمه ومهنته بين نورث ويسترن ومهرجان الدوحة ترايبيكا. وقبل ان نخوض في التنظيم فقط، نتساءل: ما حقوق وواجبات الصحافة ايها المجلس؟ وما حقوق الصحفي وما هي واجباته؟ وقبل الحقوق، يجب أن نعرّف: من هو الصحافي؟ فقانون الانشطة الاعلامية لا يشمل فقط تنظيم انشطته بل يجب أن يلتمس تعريفا شاملا جامعا مانعا للصحافي ويحفظ حقوقه ويميزه عن الدخلاء وهذا ما يجب ألا تغفل عنه ثقافية الشورى، لذلك اتحفظ على تسميته بقانون تنظيم الأنشطة الإعلامية فقط لأن المُنتظر قانون يعرّف ويشرّع حقوقا وواجبات وليس بقانون تنظيم فحسب. وأخيرا... الوعي والمسؤولية في كيفية تناول قضايا الوطن والمواطن او الشؤون العامة التي تبناها الشورى عام 2009 فيما يسمى "الحرية المسؤولة " لا تلغي اهمية تعزيز الحرية الاعلامية حيث للحرية اخلاقياتها ومثلها التي يعرفها ويحترمها الصحفيون لا المتفيهقون الدخلاء، كما ان الخوف الذي يعترى المسؤولين في الشورى وغيرهم من فتح المساحة الإعلامية او فتح المجال لأهل المهنة تحت قبتهم هو خوف أو استثناء غير مبرر لأن فراغ التشريع وتأخره أو نقصه أو عدم شمولية اطرافه يحجب الحقوق المهنية لأهلها ويخلق ثغرة أو مرتعا خصبا لصحافة وصحافيي المهاترات واللغو والتشهير والتابلويد، ويفضى الى تدهور حقوق الاثنين الصحفيين والمجتمع، ويخنق وضع الحرية الاعلامية أو يجرّدها من كل خلق وضوابط ويضيّع تعريفها على الوجه الأمثل ويميع الخيط الرفيع بين "حرية الكلمة النزيهة" و"إباحية "القذف والتشهير". نتمنى لقاء آخر كاملا منتظرا لمشروع شامل، وليس رجاؤنا على الشورى بعزيز. كاتبة وإعلامية قطرية Twitter: @medad_alqalam medad_alqalam @ yahoo.com