19 سبتمبر 2025

تسجيل

إلى أختي «إدارة المرور»

10 ديسمبر 2019

رفقا يا أختاه، فلم اكن اعهدك هكذا، عهدتك تحبين النظام من أجل النظام، عهدتك تحرصين على التنظيم من أجل التنظيم، لم أعهدك تتربصين بمحفظتي مع بداية كل شهر، لم أعهدك تبحثين عما في جيبي، أكثر من الحرص على سلامتي حتى أمر سالما، لم اعهدك تضعين الرادارات تربصا وخفية والله لا يحب المتربصين، أوصتني أمي قبل وفاتها بك احتراما للنظام وللقانون، ولم توصني بالانفاق عليك، الا في حالات التعدي والادانة الصريحة التي قد أرتكبها غفلة أو نسياناً، لست مسؤولا عن أخطائك في التخطيط، لست مسؤولا عن إعطاء الرخص والاتجار بها لكل قادم للبلد، لست مسؤولا عن بنية مرورية متآكلة تدفعك للمخالفة دفعا رغم أنفك، لست مسؤولا عن كل هذه الزحمة حتى تصبح فرصة مواتية للدخل، انا مواطن أحرص على النظام حرصي على وطني الذي هو الأم التي تجمعنا. عندما يعود سائقي بشكل شبه يومي بمخالفات تثقل كاهلي، وابحث لأجد أنه يسير في حدود 90 كيلو مترا، أو لتوقف لإنزال مريض أمام مستشفى أو مطعم أو سوق قد امتلأت مواقفه اشعر وكأنك لم تعودي أختي التي عهدت، أشعر بيديك تتسلل يوميا الى جيبي، لتغتال ما فيه من رزق أولادي، في كل محاولات الحكومة لتحسين دخل المواطنين، اجدك متربصة بها في كل جانب، وكأنما ثمة توافق مسبق، رفقا يا أختاه. لابد من وضع آلية فارزة بين المتربص بخرق النظام وبين الغافل، بين المضطر وبين الجاهل، عندما تكون البنية المرورية تتسع لمائتي ألف سيارة ونجد عليها مليوني سيارة كيف سيمر الحال؟ أخبريني يا أختاه، عندما تتسع مواقفنا لمائة الف سيارة ونجد خمسمائة الف سيارة تبحث عن موقف. كيف نتصور ذلك؟ عندما نجد أمام مجمع المحاكم مواقف لألف سيارة، والمراجعون يزيدون على ثلاثة آلاف، ماذا نتوقع؟ لابد إذن من علاوة مخالفات، بنسبة معينة حتى نتلافى الظلم، متى تكون المخالفة مخالفة تستحق الغرامة؟ هذا سؤال يجب ان يطرح ويدرس، عندما يدفع المواطن من راتبه الثلث أو الربع مخالفات هو ليس مسؤولا عن نصفها على الاقل لسبب من الاسباب التي ذكرت أو لتجاوز من شرطي المرور الحامل لورقة وقلم، بدلا من التدخل وتسهيل السير، حتى أصبح التسابق لدى البعض منهم تسجيل اكثر عدد من المخالفات لاثبات انه كان يعمل وقد سمعت ذلك مباشرة من احدهم. أختاه نحن مع النظام ومع التنظيم وتطبيق القانون، لكننا لسنا مع تحول الادارات الخدمية الى ادارات جباية وهذه سياسة كان أحد الوزراء في السابق يطبقها ومعروفة لدى الجميع بدون استثناء. نفرح بالزيادات من قبل حكومتنا الرشيدة لتحسين اوضاع المواطنين ومواجهة ارتفاع الاسعار. لكن لا يجب أن نقع ضحايا أمام الطريق المسدود، بالطبع هناك من لا يسأل ولا يشعر بذلك ولكننا يا أختاه على مفترق طرق فهناك من اصبح فوق السحاب فلا تصله راداراتك، وهناك من يتعركل عند أول اشارة مرور من اشاراتك. نرجو من حكومتنا الرشيدة الحريصة على أمن وسلامة المواطن البدنية والنفسية أن تضع الأمر في جادة اهتمامها وان تعيدك يا اختاه الى طريق الاتزان والتوسط بعيدا عن الجور والظلم، فالقانون أولى ان يتبع والقضاء هو الفيصل حتى بين الأخوين. شكا الشاعر بيرم التونسي في أيامه من جور المجلس البلدي وتسلطه على لقمة المواطن البسيط من خلال رفع اسعار الغذاء وقال أبياتا منها:يا بائع الفجل بالمليم واحدة كم للعيال وكم للمجلس البلدي كأن أمي بلَ الله تربتها أوصت وقالت أخوك المجلس البلدي ونحن نقول: كأن أمي بلَ الله تربتها أوصت وقالت أخوك المجلس البلدي [email protected]