14 سبتمبر 2025

تسجيل

قمـةٌ هي في أسـاسها غُمـة !

10 ديسمبر 2018

كنت قد أرجأت كتابة هذا المقال حتى نهاية القمة الخليجية والتي من المفترض أنها عقدت أمس بالعاصمة السعودية الرياض وقراءة البيان الختامي لها، لكني تداركت الأمر سريعاً وتعوذت من إبليس الرجيم وهززت رأسي لطرد هذه الأفكار الهدامة والتي شعرت أنني بعدها قد أمتنع عن كتابة مقالي من الأساس!، فما الذي كنت سأنتظره من هذه (الغُمة) التي ترأسها السعودية وهي المحاصر الأول لقطر وتحضره البحرين والإمارات وهما العضوان اللذان يشاركان الرياض حصارها لدولة خليجية جارة توصف بحسب المفهوم الخليجي البائس بالدولة الشقيقة! ما هو البيان الختامي القوي الذي يمكن أن أنتظره وننتظره جميعنا في قطر ليكون مادة دسمة نتناولها في قنواتنا وصحفنا ومقالاتنا؟!، من الجنون طبعاً أن ننتظر شيئاً كهذا وقطر تحت حصار جائر من أزمة مفتعلة ضدها دُبرت في ليل شهر رمضان المبارك والناس صيام قيام!، بل إن الجنون بعينه هو أن يظنوا ويحلموا بأن سمو الأمير المفدى حفظه الله سيكون على رأس الوفد الذي سيحضر القمة في عقر دار الرياض المحاصرة لبلاده وشعبه وقد كانت النقطة المركزية التي كانوا يخططون منها شن حرب عسكرية على قيادة وشعب قطر والاستيلاء على ثرواتها ومقدراتها وتغيير نظام الحكم فيها!، ورغم أن الدوحة حريصة على المنظومة الخليجية التي يتكون منها هذا الكيان المتهالك إلا أن كرامتها كانت فوق كل اعتبار ولذا كان الوفد الذي ترأسه سعادة وزير الدولة للشؤون الخارجية السيد سلطان بن سعد المريخي هو الأنسب والأفضل لتمثيل دولة قطر في هذه القمة التي لم يسبقها اجتماع تحضيري كما جرت العادة لوزراء خارجية الدول الخليجية وعلى متن الخطوط القطرية في رحلة مباشرة من الدوحة إلى الرياض، ويأتي هذا الوفد متوافقاً مع الحرص القطري المعلن دائماً على المشاركة (الصورية) في القمة مع الاحتفاظ بماء وجه قطر الذي يحلمون بسكبه على قارعة أحلامهم وأطماعهم وخططهم الدنيئة ضده. ونأتي إلى هذه القمة التي لم تنعقد حتى الدقيقة التي أكتب بها مقالي هذا، فهي تنعقد في الرياض التي تتعرض حالياً لهجمات أمريكية في ردهات الكونغرس والشيوخ والسبب حصار قطر!، ويشن عليها أعضاء أميركيون هجوماً لاذعا بسبب حصار قطر !، كما تتعرض هذه الدولة التي أثبتت أنها لا يمكن أن تتولى قيادة المنظومتين الخليجية والعربية في ظل شخصية متهورة تابعة لأبوظبي مثل محمد بن سلمان لسيل من الاتهامات المتتالية بفك التلاحم الخليجي الذي كان عليه سابقاً !، ناهيكم عما يتعرض له ولي العهد السعودي نفسه من ضغوط دولية من حكومات ومؤسسات بسبب حادثة مقتل الكاتب جمال خاشقجي التي عمت آثارها لتفتح العيون على سياسة هذا الرجل الذي قاد حصاراً جائراً على قطر ويقود حرباً دامية على اليمن ويتلاعب بثرواته على شكل رشاوى تواجه تهمها اليوم مؤسسات وأملاك الرئيس الأمريكي الخاصة !، وقد أشار سعادة وزير خارجية قطر حتى وقت قريب إلى أن قطر لن تقف يوماً أمام ازدهار هذا المجلس وتقدمه لكنها تشك في أن يسير وفق المخطط الإيجابي الذي يجب أن يكون هذا المجلس، لأنه للأسف تقوده دول أعضاء نحو الهاوية دون اعتبار للأسس التي قامت عليه أو للشعارات الرنانة التي لطالما رددتها شعوب المنطقة دون أن يتحقق شيء منها منذ تأسيسه وحتى الآن للأسف !، كما لا ننسى أن قطر قد أبدت تخوفها من دولة عضو بالمجلس ولا أظن أن التخمين عن هوية هذه الدولة يبدو صعباً أمام كل المعطيات التي تثبت أنها وراء التخطيط الخبيث ضد قطر وهي المخططة الماكرة لكل الحملات الإعلامية المسيئة لقطر رموزا وقيادة وشعباً ولا تزال !، ولذا يا من تنتظرون قمة هي في أساسها غمة، ماذا تريدون منها وبم تحلمون ؟!، هل تنتظرون قمة تؤكد أن الخليج واحد ؟!، لا !، أم هل تنتظرون من هذه القمة أن تبحث العواقب الإنسانية المريرة التي عانت منها الأسر المشتركة والطلاب بعد حصار قطر؟!، من المؤكد لا !، هل يمكن أن تكون القمة الخليجية المفتاح الذي ستبدي دول الحصار ندمها عن كل ما حاكته ضد قطر وفبركته عنها وعليها ؟!، طبعاً لا !، إذن ماذا ستبحث هذه ( الغمة ) ؟!، سأقول لكم !، نبذ الإرهاب الذي تترأسه دول الحصار وحاولت عبثاً إلصاقه بنا !، الازدهار الذي تأمله في عرفها المريض !، الإنجازات المتخيلة التي حققها مجلس التعاون كذباً !، وغيرها من أمور ستحتاج منذ الكلمة الافتتاحية للقمة وحتى إعلان البيان الختامي لها إلى ترجمة فورية تجعلنا قادرين على متابعة ما يدور وأرشح قناة الجزيرة لاتخاذ هذه المهمة بإتقان !. فاصلة أخيرة: قمة أم غمة.. كلتاهما تؤدي نفس المعنى !. [email protected]