23 سبتمبر 2025

تسجيل

القرار المُشين.. في حق مسرى النبي الأَمين

10 ديسمبر 2017

تتوالى الأحداث علينا كسيول جارفة لن تجد أمامها سدّاً يمنع امتدادها، ومعها سقطت هيبة دول، وأناخت قوة دول، وهيمنت دول للعدو، كنّا مع بداية الحصار نعتقد أنها سحابة صيف عابرة، وأن القادة سيدركون خطورة الموقف وتأثيره، وستكون طاولة الحوار هي الحكم الفاصل لحل النزاع.. ولكن تسير الرياح بما لا تشتهي السفن، فالتعنت والحقد هما سيدا الموقف.. فَمِن حصار قطر الجائر إلى حصار اليمن المؤلم ، وَمِن فشل خطة استقالة الحريري الجبرية، إلى فشل القمة الخليجية في عدم اكتمال نصاب حضور قادتها، وسبقهما فشل المجتمعات الدولية في مساعيها وجهودها في وضع النقاط على حروفها وإيقاف سيول الخلافات الخليجية الخليجية، حتى يتفاجأ العالمان الإسلامي والعربي بتوقيع الرئيس الأمريكي على نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل، وتلك الطامة الكبرى التي صعقت بقوتها الإحساس العربي والإسلامي في كل بقاع العالم ليقدم للقادة العرب بتهويده القدس المحتلة مكافأة ورد جميل بعد أن ملأ جيوبه بأكثر من 550 مليار دولار في اجتماعه الأول في الرياض، وصفقات الأسلحة التي بلغت 110 مليارات دولار وكل هذه الأحداث التي تطوقنا، ومازالت دون إيجاد بصيص من نور يحجب ولو جزءاً من سوادها وآلامها يذكّرنا بحديث الرسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها»، فقال قائل: ومِن قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن»، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن ؟ قال: «حب الدنيا، وكراهية الموت». …. فمن خَطط لحصار قطر الجائر بالأمس بأحلام وأمنيات تَعهُدية لدول الحصار الأربع للاستيلاء على مقدراتها الاقتصادية وتجميد مشاريعها التنموية وبثمن مدفوع الأجر، ونشر الفوضى، هو اليوم وبخطة وأمنيات وبجرة قلم يقدم القدس العربية الإسلامية على طبق من ذهب، عاصمة للكيان الصهيوني للبدء بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، في غياب الإحساس العربي والضمير العربي، والصمت العربي، فشل الحصار الجائر على دولة قطر للتكاتف الشعبي مع الأمير، وفشلت المطالب في سيرها وتنفيذها لمناقضتها مبدأ احترام الكرامة والسيادة الدولية، وستفشل الخطة الصهيونية الأمريكية التي وضعها الرئيس (ترامب) مع حلفائه بجهاد وأرواح ودماء المرابطين من أهل القدس الشرفاء، الذين يدركون أن ما بعد صلاح الدين الذي قاد ملحمة تحرير بيت المقدس والمسجد الأقصى من دنس الصليبين، وما بعد المعتصم الذي لبىّ نداء امرأة حين قالت : "وامعتصماه" انسدل الستار على وجود قائد مسلم عربي في التاريخ الإسلامي يحمل لواء الدفاع عن البيت المقدس، والوقوف في وجه الصهاينة وحلفائهم، ومن يُلبي نداء طفل أو امرأة، وما عادـ مع الأسف ـ بيت المقدس يشكل اهتماماً في أجندة العرب، بل طويت صفحاتها لتحل محلها صفحات جديدة من التطبيع والهرولة التي تسارعت بعض دولنا العربية في كتابة كلماتها وحروفها لتؤكد بأن قضية بيت المقدس الإسلامية العربية أصبحت عبئاً ثقيلًا على قادة الأمة العربية والإسلامية، وأن المصلحة الأمريكية والعربية العامة هي الحكم الفاصل، فلا القدس لنا، ولا مدينة السلام، ولا زهرة المدائن، ولا الحلم العربي، ولا القدس أرضنا، كلها مجرد كلمات صاغت حروفها الضمائر العربية المتألمة والمحترقة على ضياع القدس قبلة المسلمين الأولى ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم لتضميد الجراح النازفة، كما هي حشود المظاهرات الجماهيرية التي عمت الشوارع العربية والإسلامية تنديداً واستنكاراً لهذا القرار، وقد جاء قرار (ترامب) وكما قال أحد المحللين السياسيين "اختيار هذا التوقيت من الرئيس الأمريكي له دلالة كبيرة وهي أن هناك خراباً عربياً، ولا يوجد من يقف له من قادة العرب، وأن الشعوب هي التي تتحرك فقط. … فلَم ولَن ننسى الحصار الجائر على دولة قطر، وما دام قائماً فالجراح تزداد وستبقى، لأنه وضع جسراً قاسياً أمام حبل التواصل الأسري ليقطع الصلة بين الأرحام والأقارب، وأغلقت المنافذ لزيارة بيت الله الحرام لتأدية مناسك الحج والعمرة، فكيف بالقدس المكون الديني الروحي لنا!! فستبقى جراحنا أعمق وآلامنا أدمى، فالقرار الأحادي الذي أصدره (ترامب) في تهويد بيت المقدس الشريف الذي ارتبطت قدسيته بعقيدتنا الإسلامية منذ أن أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إليه وعرج منه إلى السموات العُلى، وأصبح القبلة الأولى للمسلمين قبل أن تتجه القبلة إلى الكعبة المشرفة.، يعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة، واستفزازاً لمشاعر المسلمين، ونشر الفوضى وعدم الاستقرار، في تواطؤ قادة العرب، وتنسيق وتفاهم مسبق مع بعض الدول، وفِي ظروف تمر بها المنطقة العربية بحالة من الضعف نتيجة النزاعات والصراعات القائمة اليوم بين دولها وفِي داخلها، منظومة دول مجلس التعاون الخليجي نموذج، ووسط ذلك ضاعت قضية بيت المقدس من اهتمامهم وأجندتهم، ومشاعرهم، ولم يبق إلا الاستنكار الشعبي، والغضب الشعبي، الذي بإذن الله سيكون هو السلاح الحاد الذي سيوجه إلى الولايات الأمريكية للضغط عليها، وسيدخلها في نفق مظلم، فمن حمل بالأمس الحجارة الصغيرة التي أشعلت انتفاضة الغضب الأولى عام 1987 ، وأجبر نتانياهو على انتزاع البوابات الالكترونية حول المسجد الأقصى، وأجبر شارون على الهروب من غزه وترك مستوطناته، هم الآن اليوم الذين يقفون بشجاعة وقوة في وجه العدو الإسرائيلي ومواجهة دباباته وما تحمله من الغازات المسيلة للدموع الخانقة، لدحض قرار تهويد القدس. ودحض من حمل لواء التطبيع مع إسرائيل من بعض قادة العرب. ففي المجتمع الفلسطيني كما اعترف ترامب في خطابه الانتخابي الأبطال هم من يقتلون اليهود، نأمل من الله أن تكون تلك الانتفاضة الشعبية التي عمّت دول العالم على قرار التهويد هي بداية الطريق لتحرير القدس من الصهيونية وزوالها، وستعود الأرض المقدسة إلى حضن أبنائها في الأمة الإسلامية بنصر الله وبإيمان وإرادة وقوة المرابطين الشرفاء على أرض فلسطين . اللهم انصرهم وثبتهم في مواجهة العدو. [email protected]