15 سبتمبر 2025
تسجيلكنا قد تكلمنا فى مقالنا السابق عن المرأة العاملة .. واستطلعنا آراء بعض السيدات العاملات اللاتى تراوحت أراؤهن بين الفخر بالعمل .. والتمسك بالإنجازات التى حققتها حواء فى رحلتها الطويلة من أجل المساواة بالرجل .. وبين البعض الآخر اللاتى يتحسرن على اضطرارهن للخروج إلى العمل .. بسبب ظروفهن المادية .. ويتمنين لو تتحسن تلك الظروف .. للعودة مرة أخرى إلى المنزل .. والعناية بالزوج والأبناء .. تحت زعم أن خروجهن للعمل يكون دوما خصما من نصيب الأولى بالرعاية .. وعلى حسابهم . وقد تزامن مؤخرا نشر عدة دراسات فى العديد من الدول .. منها إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية .. جاءت كلها فى صالح تفضيل المرأة العاملة .. باعتبارها الأكثر وعيا ومقدرة على العناية بالزوج والأبناء .. ولكونها تمتلك المقدرة الأفضل على تخصيص الوقت – على قصره نسبيا – فى الوفاء بتلك المتطلبات .. كيف ؟ يعتقد كثير من الناس أن الطفل له احتياجات خاصة بالنظافة والطعام .. غافلين عن حاجته لمن يتحدث معه .. ويجيب على أسئلته .. بل ويشاركه فى نشاطاته المختلفة .. ومن بينها اللعب .. وترى هذه الدراسات – وأنا معهم – أن الأم العاملة بما تتمتع به من مدارك أوسع .. ووعى أكثر .. وخبرات حياتية أرحب .. تكون أقدر على تلبية تلك الاحتياجات بشكل أفضل من تلك الأم القابعة فى المنزل .. والتى تتحرك فى نطاق محدود نسبيا .. ولا يأتى هذا الرأى نتيجة إنحياز لوجهة نظر أو هوى .. ولكنه مبنى على استطلاعات رأى .. قامت بها مراكز متخصصة .. شملت المئات من الأسر .. حيث كانت الأسباب التى ساقها الجميع .. هو مقدرة المرأة العاملة على استثمار وقتها بشكل افضل . وتظهر هذه الدراسات أيضا أن الأبناء الذين ينشأون فى كنف أسرة فيها إمرأة عاملة يتحملون بالضرورة بعض المسئوليات البسيطة الخاصة بهم الأمر الذى سوف يقلل من الاتكالية لديهم .. وهو ما سينعكس عليهم بشكل إيجابى فى المستقبل .. وسيعمل على أن يصبحوا أكثر مقدرة على مواجهة أعباء الحياة .. وسيصبحون أزواجا غير مزعجين .. بخلاف الأطفال الذين يتعودون على وجود أمهاتهم فى المنزل طول الوقت والاعتماد عليهن فى كل صغيرة وكبيرة . ومما أكدت عليه تلك الدراسات كذلك مقدرة المرأة العاملة على تفهم الظروف الإقتصادية للأسرة بشكل أفضل .. نتيجة خروجها للعمل .. ومعايشتها للمجتع الخارجى .. وهو ما ينعكس بشكل إيجابى على علاقتها بالزوج الذى ولابد أن يقدر ذلك .. بالمقارنة بمن تطلب منه الكثير .. غير عابئة .. أو حتى غير مدركة للمتغيرات التى باتت تجتاح حياتنا الحديثة فى كل وقت . ولا يقتصر الأمر على ذلك .. بل يتخطاه إلى مقدرة السيدة العاملة على التفاعل مع تقلبات الحياة وعثراتها .. نتيجة انخفاض دخل الأسرة بسبب وفاة الزوج مثلا .. أو تعطله عن العمل لبعض الوقت لسبب أو آخر .. وهنا حتما ستظهر قيمة الخبرات التى اكتسبتها المرأة فى مسيرة حياتها العملية .. وتكون صلابتها أكثر وضوحا .. وبالرجوع إلى الجهاز المركزى للإحصاء .. وجد أن أكثر من ثلث الأسر تعولها الزوجة منفردة .. ناهيك عن مساهمتها التى لا يمكن إنكارها فى زيادة دخل الأسرة . وفى النهاية .. فإننا نرى - بشكل عام - أنه لابد أن يكون للمرأة هدف فى الحياة .. تسعى إلى تحقيقه .. ولابأس من ذلك طالما أنه لن يتعارض مع واجباتها الأساسية .. والأهم أن عمل المرأة مفيد جدا لها من الناحية النفسية .. حيث يساعدها على توكيد ذاتها وزيادة ثقتها بنفسها .. وهو ما لا يتوفر لربة المنزل . وإلى لقاء جديد فى موضوع آخر بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين e mail : [email protected] [email protected]