14 سبتمبر 2025
تسجيلأطللت من شرفتي على الساحل الذي لم تترك له كومة الرمال المجتمعة او بالاحرى جبل الرمال المتراكم فسحة لرؤية البحر الا من خلال فتحة صغيرة يُرى منها البحر على جنب وهو الذي أطلق عليه أحد زورانا المصريين المعروفين بخفة دمهم "جبل المقطم". اردت تغيير جو المشي من جهاز الجري الموضوع امام نافذة البحر التي يقتلها هذا الجبل الذي صنعوه عنوة، بالنزول للساحل الذي تفصلني عنه ممرات قصيرة، حدثت صحيباتي لنخرج ونعتبرها رياضة في نزهة لنضرب عصفورين في حجر، خطوتان وانا امام الساحل فاذا بمارد الفانوس" اعني العامل " الموضوع عنوة حارسا على مشروع ترميم بيوت الأجداد في الوكرة، خرج من القمقم آمرا: "لا دخول.... ممنوع.. بعدين مشكل؟" وكنت احسب انه سيقول: "شبيك لبيك، مالك بين ايديك" قلت: وما الممنوع؟ قال: الدخول الى الساحل؟ قلت ولماذا.. لم تحضرنا سوى ارجلنا ولم نندس على ساحلنا خفية، ولم ندنس الساحل أو نأتي هنا بسيارة. لم نأبه لما يقول بل أشحنا بصرنا عنه نريد الدخول فاستوقفتنا تلك اللائحة التي عبرت بالصور عن قائمة الممنوعات ومنها صورة اقدام تعني ممنوع المشي على الاقدام في هذا الساحل. قلنا:"اذا سنمشى على يدينا... وسأجد لي طريقة" لا تعجبوا فقد صعدت الجبل... حقيقةً، لم نتوقع ان نكون كسكان مطالبين بمغادرة بيوتنا واراضينا عنوة وهي المنتقاة من آباءنا على بحر الوكرة، لن اتحدث عن الازالة والمنفعة العامة التي تعدت ترميم مناطق الوكرة القديمة وامتدت الى مناطق اضافية لبنية سياحية واستثمارية اقضت حقوق المكان والزمان والتاريخ، حتى التهمت اراض لم تكن يوما ببيوت اثرية لاجدادنا يرتجى ترميمها للصالح العام ولم تكشفها من عل ٍحتى الخرائط الجوية المأخوذه عام 1956. وليس الحديث هنا عن الحقوق المدنية للسكان فقد طرقتها في مقالات سابقة ولكن الحديث اليوم عن ابسط الاولويات والاحقية في تنعم سكان بالرمق الاخير من حياتهم على البحر بعد قرارات الاستملاك وما سيؤول اليه من تدمير الوحدة الاسرية البنيوية. بيوت تشهد إزالة لاقامة منطقة سياحية ساحلية لم تراعِ بعد قرار انتزاعها عنوةً حتى حق اهلها في الحصول على هواء نقي نظيف غير محمل بغبار الاصلاحات، أو عواقب القوارض والحشرات التي غزتنا في فترة من فترات المشروع فكانت سربا كالجراد في بيوتنا، تحدثت عنها وقتها "لبرنامج وطني الحبيب صباح الخير" ومن ثم للبلدية بعد ان انتفخ جلد ابنائنا الصغار تحسسا شديدا عولج بإبر الحساسية كرد فعل للدغ الذي علمت من البلدية وقتها ان سبب تجمع الحشرات هو المستنقع الذي تشكل مما خلفه تقليم شجر القرم لتمشيط الساحل وتكوين الجبل المصنوع على ساح الوكرة مقابل المنتزه الذي لا تزيده الأيام الا ارتفاعا ولا اعلم لم هو قابع أمامنا الى اليوم. كما إن قرار اغلاق الساحل الرئيس لمدينة حيوية تلك الفترة الطويلة وان كان مقدرا كاحتراز أمني لسلامة المرتادين من مغبة أعمال الترميم، ومقدرا ايضا حفاظا على جمالية ونظافة المكان من المستهترين وهم كثر، وتوخيا للنتائج الجميلة التي نلتمسها مستقبلا، إلا ان طول مدة الإغلاق وعدم إيجاد مرحلية لفتح منافذ له حرمت السكان من التمتع بمنظر جميل للبحر بمقربة من عقارهم الخاص أو من نوافذ مساكنهم المطلة عليه. فالجرافات والكسارات تهدم والنشالات ترفع اكوام الرمال فوق جبل رملي غطى ساحل الوكرة عن قاطنيه بحيث لم يعد لهم مكانا لا للمنظر ولا للمشي ولا حتى لتنفس هواء نقي نظيف،هذا والساحل مغلق. بل حتى الفرضة القديمة ومساكر الوكرة وعلى مقربة من القلعة كانت فيها حديقة ساحلية للمشى انهارت وهدمت ولم تضع الجهة المسؤولة بديلا عنها يعمل لمصلحة السكان في الوقت الانتقالي من مرحلة الوكرة القديمة الى مرحلة الوكرة المرممة كونها تشكل ارثا وتراثا وتاريخا وأسلوب حياة. فلم تراعِ جهات الترميم وبرامجه حقوق السكان الآنية والمرحلية، ولم تنتبه للجانب الانساني او الحقوقي من بدائل الموضع كالمعمول به في الغرب بقدر ما تلاحظ الهمة في جدوى مشروع ثقافي سيكون جميلا واستثماريا وسياحيا طويل الأمد. وربما تحولت سواحل قطر الشرقية المعروفة جميعا بانها مساقط السكان — دون سواحل غرب قطر — الى تجارة مربحة لابد من التفنن في ايجاد مواقع منها للفنادق والمقاهي والمطاعم ولو كان على حساب المواطن و — نأمل، بل نطالب وبشدة ألا يكون فيها موضع للشيشة والتدخين الدخيل علينا — خصوصا وانه ليست كل المناطق المنزوعة جرت لترميمات أثرية وسواحل جميلة فقط بل بعضها لمشاريع تجارية وأخرى لفنادق ومواقف لم ندر إن كان لقاطنيها حق حتى في المساهمة فيها ولو بأسهم او نسب، هذا حين لا تغطي قيمة التعويض المقترح الممنوح لأراضي وبيوت البحر المنتزعة قيمة المكان حيث لا تتساوى — كما لا تجهلون — ارض البحر بارض البر، ولا يفي التقييم حتى مستقبلا قيمة شراء اراض داخلية صحراوية بسعر سوق اليوم في المنفى الاجباري الداخلي، ومن ثم لماذا امتد الخيار من وكرة الأجداد الى طريق الخرارة ومسيعيد. ومن عصف بالأراضي القريبة؟ اسألوا "مردة العقارات"..... وأخيرا...هل اضيف ايضا حق السكان البسيط في المشي الحرّ على سواحلهم وبجانب بيوتهم المقطونة آنيا والمزمعة النزع الى قائمة الحظر؟ وهل أضيف ايضا حق التنعم بمنظر البحر الفيروزي الجميل من شرفهم دون سدود وجبال الى قائمة الممنوعات؟؟؟ أعني هل يسقط حق عام طوال فترة تطبيق منفعة عامة على ساحل عام وحيوي دون خطة زمنية محددة وبدائل؟؟؟ اسألوا مارد الفانوس......