10 سبتمبر 2025

تسجيل

هَدْر وإهدار

10 نوفمبر 2022

هَدْر وإهدار عنوان مقالي ليس مغلوطاً عزيزي القارئ، وقد يتبادر لذهنك أنني سأكتب عن هَدْرَ الطاقةِ أو إهدار الماء أو هدر المجهود أو ما شابه من الجُمل التي يأتي فيها هذا المعنى،، لكنني هنا سأخاطب فيك روحك وسأعني بالعنوان طاقتك لا سواها. سؤالي اولاً: هل عدت يوماً بذاكرتك للوراء قليلاً سواء في علاقاتك الحياتية أو تصرفاتك اليومية لتكتشف حجم الطاقة النفسية التي أهدرتها بلا داعٍ ودون جدوى!؟ هل فكرت بالسبب ام فات الأوان ام انك لا تفكر في روحك التي تُلقيها على قارعة طريق احدهم !؟ قد يكون سؤالي مستفزاً للبعض أو مفردات طرح تساؤلي عليك ليست ورديةً لتقبلها على نفسك، عموماً من الجيد ان يستفز المعنى في البعض رغبته في حماية طاقته التي تجعله قادراً على إكمال رحلته اليومية بين مسؤولياته وأعماله وعلاقاته. يُقال إن البدايات دائما أجمل مع فورة المشاعر والشغف بالشيء المقصود وكل ما يجعلنا نرى العالم عبر منظار “اللون الوردي” الذي يجعل العالم صافيا بلا مشاكل فهي مشاعر تطغى للحد الذي يعمينا عن تلك الأمور الصغيرة التي تسمم العلاقة وتجعلها في حد ذاتها مصدرا للإيذاء، فالعلاقات تتطور مع مرور الوقت وتنضج وتتغير كنتاج لتطور وتغير شخصيات أطرافها، وكنتيجة للتقارب بينهما مع مرور الوقت تظهر صفات ربما لم ينتبه لها في البداية، وهو ما قد يؤدي أحياناً إلى تآكل العلاقة وتسممها فيأكلها العفن من الداخل بينما تبدو مثاليةً من الخارج ومن الخارج فقط !! فالعلاقات الإنسانية الصحية تقوم على أسسٍ من الاحترام المتبادل والرعاية المشتركة والقدرة على مشاركة القرارات فهي باختصار رغبة مشتركة في السعادة وهي علاقة آمنة يمكننا فيها أن نكون على طبيعتنا وأن نشعر بالراحة والأمان، بينما تتميز العلاقات السامة بانعدام الشعور بالأمان، والتمركز حول الذات، ومحاولات السيطرة والهيمنة لطرف على الآخر، والعلاقات تأتي تحت مسمياتٍ عدة فسواء كانت علاقة حب او ارتباط او صداقه او حتى زمالة عمل يتخللها التعامل المباشر والتواصل المستمر او العمل المشترك الذي يكون فيه طرف ما مُهدراً لطاقته او مشاعره او جهده، حيث يتعامل هنا مع مصاص هذه الطاقة كشخصٍ سام يمتص مصدر طاقتك ويتركك مرهقًا عاطفيًا ونفسياً وصحياً سواء كان لأنه مغرور أو متلاعب أو مجرد ثرثار عمله يتلخص في إهدار طاقتك. ربَّما هذه هي المرة الأولى التي نسمع فيها عن "مصاصين" يمتصون الطاقة الإيجابية للناس بدلاً من دمائهم، إذ إنَّ كل ما نعرفه عن مصاصي الدماء هو ما شاهدناه في افلام دراكولا، لكنَّ هؤلاء مختلفون بعض الشيء؛ فهم يمتصون طاقتنا وحيويتنا ونشاطنا في الحياة، ويتركون بداخلنا تراكمات من الشعور بالتوتر والعجز والطاقة السلبية. شخصيا اعتبر الإنسان السلبي من مصاصي الطاقة او بشكلٍ ادق هو منتج للطاقة السلبية التي تحطم كل الأمل الذي لديك ويفقدك الاتجاه الصحيح مسبباً هَدْراً لقواك النفسية والتي تنعكس تباعاً على قواك الصحية، وقد تتساءل عن كيفية معرفة هؤلاء وماهي صفاتهم لتتحاشاهم مثلاً او تقلل من تعاملك المباشر معهم او تُحصّن نفسك من قواهم السلبية فهم يتميزون بحبهم للدراما وتعظيم الأمور، يتطفلون على حياتك وحياة الناس، ولا يعطون اعتبارًا للخصوصية، كثيرًا ما يتذمرون ويشتكون، من أهلهم، من أزواجهم، من عملهم ومن حياتهم ومن الناس، كثيرو الإلحاح ولا يفهمون كلمة لا، يُحملون الناس مسؤولية أخطائهم، ويحطمون احلام غيرهم ويسفهون آراءهم، من يجعلك في حالة قلق من السؤال والاستجواب ويطلب الاهتمام والعطف ويحملك مسؤولية وضعه احياناً ويتمسكن ليكسر خاطرك، ومن يجعلك في وضع استعداد لكي تدافع عن نفسك ورأيك، فإذا كنت تتفاعل مع شخص يُشعِرك بالقلق والتوتر والارتباك والترهيب والاكتئاب بشكل روتيني، فاعلم أنَّ في حياتك واحداً منهم “ باختصار”. اذا، انا لا اطلب منك في سطوري هذه ان تبحث عن الشخص الذي يلون لك الحياة بلون وردي ويفرش لك الارض بالزهور ويهدي لك نجمةً ويُحلّق بك نحو القمر ويُخيط لك ثوباً من اشعة الشمس الذهبية ولا ذاك الذي يستسخف المصاعب ويرى الكوارث حدثا عادياً يُمكن التعامل معه كالذي يرسم لوحة فرحٍ بالرقص والأغنيات، لكنني اطلب منك ان تفتح عينيك لترى بتأنٍ وتقرأ ما هو مكتوبٌ بوضوح في علاقاتك الإنسانية فإدارة العلاقات الشخصية من أصعب ما يمكن وذلك لوجود العديد من أنماط الشخصيات المختلفة والتي قد يعجز معظم الناس عن فهمها ومن ثم التعامل معها،فالشخص ينسخ طاقة الأشخاص الذين حوله فإذا كان من حولك متفائلين ولديهم طاقة ايجابية رفعوك أما إذا كانوا دائمي الشكوى سلبيين فستشعر بان طاقتك أُهدرت وطغت عليها الطاقة السلبية بأسلوبهم وشكواهم. إنّنا كأفراد لم نتعلّم منذ صغرنا كيف نتحرر من الأشخاص الذين يتسببون بهدر طاقاتنا الإيجابية ويتركوننا مُستنزفين معقودي اللسان وفي حالة من اليأس واللامبالاة، فنحن عادة نخشى أن نُوصف بقلة الذوق وانعدام اللياقة في حال دافعنا عن توازننا الداخلي واستمعنا إلى صرخاتنا المكتومة لوقف هذا النزيف غير المبرر من قِبل أشخاصٍ يعانون من مشاكلَ نفسيةٍ وعاطفيةٍ عنيفةٍ تجعلهم في حالةٍ من الحسرة الدائمة على الذات وعدم الرِّضا عن الحال والنظر إلى الآخرين على أنّهم أكثر حظاً في الحياة “ حتى وإن بدت تصرفاتهم معنا عكس ذلك”، فهالة الانسان ليست نظاما مغلقا بل هي دائما ما تتفاعل مع الطاقات المحيطة، ايضا طاقة الهالة تتغير بتغيير الحالة المزاجية والافكار والتفاعل مع العالم الخارجي كالاشخاص الاخرين او الحيوانات او النباتات او الاحجار الكريمة و المعادن، وفي الحقيقة يجب ان تعرف ان بعض الاشخاص قد يسرقون الطاقة من هالتك وستلاحظ ذلك في صورة احساس بالاجهاد والتعب بعد قضاء عدة دقائق فقط معهم، فطاقة الانسان تظهر في نشاطه وحيويته وفي مزاجه الهادئ المتفائل وفي عافيته وتمام صحته وقدرته على التركيز والإنجاز، كما تظهر في عاطفته واهتمامه بالآخرين وقدرته على منحها لمن يحتاجها ويطلبها وتظهر عموماً في إيجابية الانسان في معالجة الأمور وفي استجابته لنجدة الآخرين. ولا اعني بمفرداتي اليوم ان تبدأ في محاسبة نفسك لإفساد وقتك بوجودهم في حياتك ولا ان توجه اللوم لذاتك التي سمحت لمن يهدر طاقتك لإعطائه مساحة من وقتك، فكثيرةٌ هي الاسباب التي تجعلك مُضطراً للتعامل معهم سواء في علاقةٍ حياتيةٍ او مهنيةٍ مشتركة، لكن عليك ان تفتح عينيك جيداً وتكون اكثر قدرةً على التحكم في وضع حدودك بعنايةٍ فائقةٍ لتجعل في حياتك منطقة اسمها ( القبو) او ذاك المكان الذي تضع فيه ما لا تريده لكنك لا تستطيع التخلص منه نهائياً،، عليك إذاً ان تُمارس حقك الطبيعي في الاحتفاظ بطاقتك بعيداً عن تلك اليد التي تمتد لتهدر طاقتك،، تماماً كوضع الدواء بعيداً عن متناول الأطفال. أخيراً: التقاط الأنفاس قبل فوات الأوان يُعزز الطاقة الإيجابية ويمنح مناعةً ضد التأثر بالطاقة السلبية للآخرين والتي تُسبب هَدْر الطاقة التي تُعينك على السير نحو الغد.