01 أكتوبر 2025
تسجيلالموقف الأول: جاسم صاحب كفاءة وخبرة طويلة في العمل وفق أعلى المعايير الإدارية العالمية. وقد توظف مؤخراً كمدير في إحدى الجهات، ولاحظ بأن الكثير من المسؤولين في هذه الجهة يعملون بأساليب قديمة، ولا تصلح أبداً لهذا العصر، ولا يوجد اهتمام بالتقنية الحديثة لتسيير العمل. فقرر أن يبدأ بتطوير إدارته، ويعطي مثلاً جيداً يحتذي به الباقون. ولكنه تفاجأ بعد فترة بأنه بدلاً من أن يشكره بقية المسؤولين، كانوا يحاربونه ويظهرون فقط عيوب مقترحاته، ويعملون على تشويه صورته، حتى قرر الاستقالة. الموقف الثاني: لاحظ غانم، وهو مثقف ومن رواد الفكر في المجتمع، بأن معظم المحتوى الموجود على وسائل التواصل الاجتماعي تافه ولا يفيد المجتمع. فقرر أن يغير ذلك بنفسه بتصوير مقاطع فيديو مفيدة ونشرها. وكان منها مواضيع تنتقد طريقة معالجة المجتمع لبعض الأمور، وتوضيح الخطأ بها، وطريقة تصحيحها. ولكنه قوبل بالهجوم اللاذع، وأشاعوا عنه أنه يفعل ذلك ليحظى بالشهرة والمال، حتى قرر هجر وسائل التواصل الاجتماعي. حاول جاسم وغانم تحسين وتطوير بعض الممارسات والأفكار في المجتمع، ولكنهم قوبلوا بالرفض والمعاقبة بسبب ذلك. وهو ما يسمى علمياً بالعقاب المنفر من المجتمع Antisocial Punishment، أي أن المجتمع يعاقب المصلحين حتى ينفرهم. هناك الكثير من الدراسات العلمية التي أجريت لدراسة هذه الظاهرة، ولعل أشهرها دراسة أجريت على ١٦ مدينة في مختلف القارات، والتي وجدت بأن المجتمع المتشابه في الأفكار والتقاليد وذات خلفية ثقافية واحدة، يكون أكثر ميلاً لمعاقبة المختلفين عن المجتمع، سواء كان اختلافاً ضاراً بالمجتمع أو مفيداً له. إن تغيير المجتمعات وتحسينها يحتاج لوقت طويل وتسامح كبير، والطريق للتحسين لن يكون مفروشاً بالورود، لذلك فعلى من رفع راية التغيير أن يستشعر ذلك ويصبر عليه. @khalid606