10 سبتمبر 2025

تسجيل

الارتهان الموجـع!

10 نوفمبر 2020

رغم الارتياح الذي طرأ على بعض الحكومات والشعوب العربية بعد إعلان فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، قاطعاً الطريق على الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب من إكمال ما يسير عليه عادة الرؤساء الأمريكيون الذين سبقوه في الحكم في مد ولاياتهم لثماني سنين متواصلة واكتفائه وحيداً بأربع سنوات رغم لجوئه للمحاكم القضائية ومحاولاته التشكيك بالانتخابات وآلية فرز الأصوات من خلال تغريداته التي لم تمر على إدارة تويتر المتفرغة تماماً لتتبع حسابه ووضع ملاحظات متكررة بجانب ما يكتب بأن مضمون تغريداته قد يكون مضللاً للقارئ، ولذا لا يجب الأخذ به بشكل جدي مما يعيق مصداقية هذه التغريدات الصادرة حتى هذه اللحظة من شخص أسهم تويتر أيضاً في تعميق جراحه بتغيير الملف التعريفي لحسابه وحذف جملة أنه الرئيس للولايات المتحدة الأمريكية والاكتفاء بعبارة أنه الرئيس رقم 45 للبلاد في صورة دفعت حتى أقرب المقربين له، وأهمهم زوجته ميلانيا وصهره المقرب جاريد كوشنر إلى دعوته للخضوع لنتائج الانتخابات والاعتراف ببايدن الرئيس رقم 46 لأمريكا وبتسليم السلطة طواعية حين يأتي موعدها في شهر يناير المقبل 2021. إلا أن هذا الارتياح يشوبه شيء من الحزن وعدم الفخر، ذلك أننا أثبتنا أننا مرتهنون بالكامل لمن يحكم البيت الأبيض لا لمن يحكمنا عربياً، وأن الشعور بالتبعية لقوة وسلطة وحماية أمريكا هو الشعور الذي يسيطر علينا حتى هذه اللحظة رغم أن الإدارة السابقة قد قللت من مكانة الولايات المتحدة وجعلتها مجرد خزانة للأموال و(بودي جاردز)، إلا أن الشعور بهذا الارتهان تنامى قبل وأثناء وبعد وحتى هذا الوقت الذي انتهت منه هذه الانتخابات الذي فرح بنتيجتها من فرح وحزن منها من حزن وأقام سرادق العزاء وأخذ يروج لممثلي حكومته صوراً قديمة مع بايدن أثناء توليه حقيبة نائب الرئيس في عهد أوباما الذي استمر لثماني سنوات متتالية كما يفعل الإماراتيون اليوم في حركة غبية تدل على تخلي أبوظبي عن حليفها ترامب في أقل من دقائق معدودة، وهم الذين كانوا يودون فوزه لتوافق مصالحه مع مصالحهم وحمايته لسياستهم الحمقاء في المنطقة وخارج حدود المنطقة. ونحن وإن كنا نستبشر بالرئيس بايدن خيراً كما وعد وأكدت عليه نائبته كمالا هاريس وممثلون من الحزب الديمقراطي الذي ينتسب له بايدن شخصياً إلا أن كل هذا الاهتمام بما ستخرج عليه الانتخابات الأمريكية المحمومة التي جرت في كل ولايات البلاد حتى كانت ولاية بنسلفانيا الفاصلة في التصويت والتي قصمت ظهر الإدارة السابقة جعلنا نصبح ونمسي على ما ستخرج به والسؤال يتعاظم في دواخلنا وما دخلنا نحن؟! ليفز من يفوز ويخسر من يخسر ولنهنئ الفائز ونتجاهل الخاسر وكفى الله العرب شر التبعية والارتهان! لم كان هذا الاهتمام ومتى علينا أن نستقل بأقدارنا عن قدر أمريكا أو أي دولة كبرى أخرى؟!. أنا أعلم أن هناك مصالح كبيرة ومهمة تربطنا خليجياً وعربياً بالولايات المتحدة لكن ما لاحظناه أثناء فصول الانتخابات الرئاسية التي جرت هناك أننا محمومون لربما أكثر من الأمريكيين أنفسهم ونبني كل هذا الشعور عما ننتظره في المنطقة من بايدن كالذي انتظرناه من ترامب لكنه خذلنا فيه وربما زاد أحوال المنطقة تعقيداً لا سيما بعد إعلان القدس عاصمة أبدية لإسرائيل متحدياً القرارات الدولية القائمة على حل الدولتين وإعطاء دولة فلسطين القدس الشرقية عاصمة لها والعودة إلى حدود عام 1967، وهو ما يؤمن به بايدن لنقل حتى هذه اللحظة، فكل الأمور قابلة للتغير إما للأحسن كما نرجو أو للأسوأ كما لا نرجو. ولذا وبعد كل هذه المتغيرات يجب أن نبني لنا هوية مستقلة لا ترتهن بظروف حكم أي أحد ولنكن خير أمة أُخرجت للناس لا تربط مصيرها بظروف كائناً من كان، وليكن لنا حكم ذاتي حقيقي في ظل محافظتنا على اتفاقياتنا مع أمريكا وغيرها مع أي دولة كانت، فهذا من السياسة الناجحة والرؤية الصائبة في حسن العلاقات وإبرام كل من شأنه أن ينهض بالأمة لكن لنقتل التبعية التي تجعل العرب لا يهنأ حالهم وهم يسكنون بقعاً من قارتي آسيا وإفريقيا إلا بتيسير حال من يسكن قارة أمريكا الشمالية التي لم تشغل بال حتى جاراتها ممن يسكنون نفس القارة ويتشاركون نفس المحيط والحدود!. ‏@[email protected] ‏@ebtesam777