15 سبتمبر 2025

تسجيل

سوالف بوراشد

10 أكتوبر 2021

كنت قد عقدت العزم أن يكون مقال الأحد الماضي هو آخر مقال أتناول فيه موضوع انتخابات مجلس الشورى، ولكن وبكل صراحة ما جرى بعد إعلان النتائج حتم علي أن أتناول قضية مهمة وغريبة نوعاً ما على مجتمعنا في نفس الوقت، وحتى لا أطيل في المقدمة دعونا ندخل مباشرة في "سالفة" اليوم، والتي جرت أحداثها الخيالية بعد يومين من إعلان نتائج الانتخابات، طبعا لا أحتاج إلى أن أشير إلى أن جميع الشخصيات والأحداث المذكورة في هذه القصة ليست حقيقية وإنما هي معالجة درامية لفكرة المقال الرئيسية. لم يستطع بوراشد أن يتمالك نفسه أمام فرحة صديقة العزيز بوسعد بفوز مرشحه الذي دعمه وراهن على فوزه في انتخابات مجلس الشورى عن الدائرة رقم 55، فبوراشد كان داعماً لخصم أو لنقل منافس الفائز، والذي كان يطمح بدوره إلى أن يصل لكرسي المجلس. قال بوراشد والحزن والغضب يكاد يفطر قلبه "عيّن خير يا بوسعد وخل عنك كثر التمدح انت تعرف شلون فاز رفيقك"، رد بوسعد بأسلوب تهكمي "أيه أدري شلون فاز يوم الناس اختاروه وتدري عنه انه شقردي (أي ذي قدرة على إنجاز المهام)، تدخل بوشاهين في الحوار محاولاً تخفيف التوتر الذي يبدو أن فتيله بدأ في الاحتراق، فقال بوشاهين "اذكروا الله يا جماعة الانتخابات انتهت والحمد لله كلنا ربع وإخوان، واللجنة اللي أشرفت بصراحة بيضت الوجه ما قصرت في الترتيب والتنظيم والإشراف"، ولكن كما يقال تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث لم تفلح محاولة بوشاهين بل إنها أثارت من حفيظة بوراشد فقاطعه قائلا "يا رجال هذا اللي بلا أبوك يا عقاب، هذي البلوه لكن خلنا بالعين موس وساكتين". طبعا في وسط هذا المناخ العاصف والذي اصبح كأنه إعصاري "جونو" و"شاهين" على موعد لقاء في هذه الليلة، لا يمكن أن يمر تعليق بوراشد عن اللجنة مرور السلام، فانتفض بوسعد نفضة "الملدوغ" وقال "ها يا بوراشد اشوف قمت تغل خيط وخيط (كناية عن التخبط في الحديث) شتقصد من كلامك"، رد بوراشد بكل ثقة " انت تدري شقصد، اقصد صندوق الجامعة اللي نجح خسرانين، وخسر ناجحين، ولا تسوي نفسك ما تدري" في هذه اللحظة بالذات أدرك بوشاهين أن الموقف تعدى عن انه مجرد "معَياه" وأنما اصبح اكثر من ذلك، وبما أنه محايد فقد قرر أن يحسم الأمر بعقل وحكمة، فسارع بالحديث قبل أن يرد بوسعد على بوراشد فقال "يا جماعة صلوا على النبي وتعوذوا من إبليس ووسعوا صدوركم واسمعوا مني هل الكلمتين، يابوراشد موضوع صندوق الجامعة هذي مجرد شماعة علق عليها البعض عذر عدم التوفيق في الانتخابات، وخلنا نحسبها بالعقل، الآن مب اللجنة سمحت لكل مرشح انه يعين وكيلا عنه للتواجد في مقر لجنة الجامعة وسمحت لهم بمتابعة التصويت والفرز يعني كل شي تم قدام عيون الناس كلها، ووكلاء المرشحين كانوا يشوفون بعيونهم كل من يتوجه للصندوق ويقط "يرمي" ورقة التصويت، وقدام عيونهم انفتحت الصناديق وانفرزت يعني الأمور تمت بكل حرفية وشفافية وكانت مراقبة طول فترة التصويت، فاسمح لي يا بوراشد أنا ادري انك زعلان على الجهد اللي بذلتوه لمرشحكم علشان ينجح، ولكن انت مخطئ في تشكيكك وحتى لو ما تقصد, الجماعة ما قصروا ولا تنسى أن اللي يدير اللجنة ويشرف عليها عيالنا من السلطتين القضائية والتنفيذية وهم من خيرة الناس، وبعدين يا خوي من بدت (أي بدأت) الانتخابات واحنا نسمع عن إشاعات فلان وفلان مدعومين أشوف محد فاز من اغلب اللي سمعنا عنهم يعني لو فيه شكه (أي شك) كان فازوا كل اللي على قولة الإشاعات داعمتهم الحكومة". لقد كان لكلام بوشاهين أو لنقل كلام العقل تأثير السحر على الحاضرين، فقال بوراشد "والله حشا ما قصدت أي تشكيك لكن أعوذ بالله منك يا إبليس والسموحة منكم يا جماعة". وختاما أقول: إن ما حدث قبل وأثناء وبعد الانتخابات من إشاعات هو أمر طبيعي يحدث وسيحدث على هامش أي انتخابات في العالم، وتزداد حدة هذه الشائعات مع مدى أهمية هذه الانتخابات للمجتمع، وفي رأيي المتواضع أن أفضل وسيلة للتغلب عليها هو نقل الحقيقة ونشر الوعي بمصداقية وشفافية للمجتمع، فعندئذ لن تنجح أي إشاعة مهما بلغت حبكتها من إتقان في خلخلة وزعزعة ثقة المواطن في المسؤول. @drAliAlnaimi