17 سبتمبر 2025
تسجيلمن الطبيعي أن تجد واشنطن الوقوف بجانب الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة إرهابيين رسالة تهديد لعلاقتها مع تركيا التي لا تتساهل أبداً حتى في وضع (إعجاب) لتغريدة عضو من الأكراد كانت الخارجية الأمريكية قد علقت على هذا الموضوع على أنه خطأ غير مقصود بعد استدعاء أنقرة للسفير التركي وإبلاغه بانزعاجها من هذا التصرف الذي يعد موقفا جديا من الولايات المتحدة ضدها لا سيما وأنها تعد شريكة معها في الحرب ضد الإرهابيين على الحدود التركية السورية. ومشاركة معها في بناء المنطقة الآمنة لأكثر من مليوني لاجئ سوري تعجز تركيا اليوم عن فتح أراضيها لهم بعد استكفائها منهم بنحو يزيد عن خمسة ملايين لاجئ يلقون رعاية من حكومة أردوغان بالإضافة إلى أن ترامب قد أصلح هذا الخطأ بتغريدة وصف فيها أن دعم الأكراد مكلف جدا ولا يظن أن واشنطن تستطيع تحمل الفاتورة الباهظة التي يرى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أن على طالب الحماية والمساعدة من بلاده أن يتحمل تكاليفها، ولذا ليس بغريب أن يرى الأكراد أن هذا الموقف من ترامب يعد طعنة في الظهر كما وصفها ممثل عن غولن العدو الأول لتركيا، ولا تتفق مع ما تمت مناقشته مؤخرا مع واشنطن المأوى الاختياري لغولن بعد فراره من تركيا وإعلان العداء لرئيسها وللأمة التركية بأكملها، وعليه فقد باشرت أنقرة بشن هجوم جوي على شمال شرق سوريا وتحديدا بمحاذاة الحدود العراقية السورية التي يحاول الأكراد من خلالها شق ممر سري إلى الأراضي التركية بعد تنفيذ وعد ترامب بسحب قواته من سوريا، وهذا ما جرى فعلا ورآه الأكراد أنه إخلال بالوعد الأمريكي معهم رغم أن ترامب سارع في تغريدة لاحقة أن ذلك لا يعد من قبله تخليا عن الأكراد فهم في نظره مقاتلون مميزون ورائعون لكن علاقات بلاده مع تركيا كما وصفها تبدو جيدة جدا، خصوصا مع الرئيس أردوغان الذي ينتظر أن يحل ضيفا شخصيا له في الثالث عشر من نوفمبر الجاري للبيت الأبيض وسيناقش معه كل هذه الأمور، وهو أمر لم يسهم سابقه أوباما بتعزيزه مع أنقره الذي اتهم إدارته بوضع كل العراقيل أمام تنامي علاقة بلاده مع تركيا بالصورة المطلوبة. نعم يرى كثيرون أن السياسة التركية التي تجري عملا عسكريا على حدودها المشتركة مع سوريا وعلى الحدود العراقية السورية ايضا أنه تدخل في الشأن السوري الذي على ما يبدو وإن كان يعارض هذا التدخل التركي إلا أنه يبدو منسجما مع التدخلات الروسية والإيرانية في شؤونه الخاصة بل والقتال معه وتسيير أمور بلاده دون حتى الرجوع لأعمدة النظام السوري المساهم أيضا في زعزعة سوريا وقتل الشعب والتفنن بهذا القتل إما في غارات صاروخية أو ببراميل متفجرة وفي أكثر الحالات حنانا بأسلحة كيماوية تخنق وتنتزع الحياة من الأطفال والنساء والشيوخ كما حدث في كثير من المدن والمحافظات وخرج منها نظام بشار بريئا، وذهبت التحقيقات الأممية أدراج الرياح التي لا تتوقف أبدا عند من يجب التوقف لديه ومعاقبته العقاب الذي يستحق ولكن ألا تبحث كل دولة عن مصالحها من الأزمة السورية لا سيما جاراتها ومن يمكن منهن أن تحقق أهم مصلحة من كل هذه وهي تأمين الحدود المشتركة مع سوريا؟! لذا فلا يمكن لوم تركيا التي تعتبر جماعة الأكراد محركة الانقلاب الفاشل الذي أجهضته تركيا قبل نحو ثلاث سنوات بالإضافة إلى تقلب واشنطن ما بين الانسحاب الجدي من الأراضي السورية أو التلكؤ لتنفيذ هذا الوعد الذي كان ترامب يأمل منه أن يضاعف شعبيته باسترداد جنوده إلى موطنهم وعائلاتهم خصوصا بعد محاصرته من قبل الكونجرس بعدة مشاكل داخلية وخارجية لا يبدو ترامب اليوم أنه في معزل أو مأمن منها فالرجل وجه غاراته الصاروخية على قاعدة عسكرية لنظام بشار بعد مشاهدته مباشرة لمواطن سوري يبكي طفليه التوأمين اللذين لقيا حتفهما في غارة لقوات بشار ولم تهتز له شعرة واحدة وشعب سوريا كله إما يباد بأبشع الطرق أو يُهجّر أو يعيش أسوأ عيشة يمكن أن يعيشها إنسان على وجه الأرض!. لا نبرئ أحداً فأيدي الجميع ملوثة بدماء شعب سوريا.. الجميع كانوا عربا أم عجما!. ◄ فاصلة أخيرة: قد يمتد نزف سوريا عقداً من الزمان ويأتي من يدعو لعقد آخر.. فأحيانا تعلو لغة الموت على الحياة، المصالح تتصالح في أغلب الأحيان!. [email protected]