10 سبتمبر 2025
تسجيلفي السادس من سبتمبر الحالي عقد مؤتمر في الدوحة لدراسة اسباب التطرف نظمته جامعة قطر، وافتتح المؤتمر سعادة رئيس الجامعة الدكتور حسن الدرهم بكلمة مؤجزة عن اهمية هذا المؤتمر وما قد ينتج عنه من عصف فكري يقود المهتمين بمحاربة الارهاب والتطرف لرسم سياسات لمواجهة تلك الظاهرة. وشارك فيه مدير الادارة التنفيذية لمكافحة الارهاب في مجلس الامن التابع للامم المتحدة، الى جانب اللواء عبد العزيز الانصاري "مكتب الشؤون الدولية بوزارة الداخلية"، ودقلاس سمث مساعد وزير الخارجية الامريكية السابق لشؤون الامن الداخلي وشخصيات دولية وعربية مرموقة. وقد تضمن المؤتمر اربعة محاور رئيسية تناولها المشاركون بالتحليل بغية الوصول الى رسم سياسات عامة يقتدي بها الباحثون وصناع القرار. ❶ على مدى يومين متتابعين تداول المشاركون في شأن "التطرف" وكما هي العادة في مثل هذه المواضيع ليس هناك تعريف تجمع عليه الاغلبية في هذا الشأن، وخلط البعض بين التطرف والارهاب ويكاد التمييز بينهما يكون منعدما عند الكثير من المشاركين. لقد انبرى كل من بيئته ليتحدث عن التطرف، والحق ان للتطرف معاني مختلفة باختلاف المنبع الذي جاءت منه الافكار، فالتطرف الديني مثلا عند بعض المسلمين ينطلق من مبدأ التمسك بأحكام القرآن والسنة حرفيا وما خرج عنها تجب مقاومته، البعض يرى المقاومة عن طريق القوة والبعض الاخر عن طريق الامعان في فهم مقاصد الاسلام. التطرف في الشأن السياسي منطلقاته مختلفة، فالغرب ومعظم مثقفيه وقادته يعتبرون مقاطعة "محاربة" افكار وسياسات التوسع والهيمنة الاجنبية على حساب الشعوب الاخرى تطرفا. بل تجاوزوا ذلك الى تصنيف حركات التحرر الوطني بأنها حركات ارهابية متطرفة يجب مقاومتها بالقوة العسكرية. لقد دعا بعض المتحدثين العرب الى اصلاح مناهج التعليم، والخطاب الديني والاعلام لكي نحد من "التطرف" وذهب في معراجه بعض المتحدثين. يا سادتي، الغرب ومفكروه وقادته يدعون الى اصلاح التعليم في العالم العربي وكذلك الخطاب الديني، والمقصود بإصلاح التعليم هنا تفريغه من المفاهيم الوطنية، فلا يجب ان تتضمن مناهج التعليم اي كلمة عن حق مقاومة الاحتلال، ولا استدعاء الرموز التاريخية وسيرتهم العطرة في مقاومة الاستعمار، ولا تدريس سير واعمال القيادات التاريخية مثل خالد بن الوليد وصلاح الدين ومحمد بن القاسم وطارق بن زياد وابوعبيدة بن الجراح وغيرهم لأن تدريس سير اولئك الاولين يبث الحماس في قلوب الاجيال الصاعدة. في هذا السياق يروي الروائي الاسرائيلي حاييم هنجي الرواية التالية: "يقول دخلت على الجنرال الاسرائيلي المتقاعد موشيه كلاو، ووجدته حزينا مكتئبا، والى جانبه كومة من الكتب ومنها كتاب عنوانه "صلاح الدين". قلت له سيادة الجنرال لماذا انت مكتئب قلق شارد الذهن؟ قال يا حاييم اني قلق على مستقبل اسرائيل؟! كيف تقلق وانت احد القادة العسكريين الكبار وقد حققت انتصارات في السويس والجولان، ويهودا والسمرا. قال نعم ولكن طالما هذا الكتاب (صلاح الدين) يتداوله العرب فإني اخاف على مستقبل اسرائيل. وتابع القول: العرب كانوا في تلك الحقبة اسوأ مما هم فيه اليوم من تفكك وتناحر وبغضاء وحروب ورغم ذلك حقق صلاح الدين انتصارات من مصر الى بغداد مرورا ببلاد الشام، ان ذلك الأمر يجعلني قلقا على مستقبل اسرائيل. لهذه الاسباب يريدون اصلاح مناهج التعليم بما يتناسب واهدافهم. ❷ في مجال الخطاب الديني الهدف من إصلاحه عند الغرب هو افراغه من مقاصده النبيلة واهم تلك المقاصد عندي هي حرية الانسان وعدم استعباد الشعوب وظلم الناس ونهب ثرواتهم والتنكيل بالشعوب كما حدث في العراق عام 2003 وكما فعلوا في جنوب افريقيا قبل الاستقلال وفي فيتنام وغيرها من الدول. يقول تقرير "رأند" وهي مؤسسة امريكية تعرّف الاسلام والمسلمين بأنهم يعيشون في ازمة وتعريفهم لتلك الأزمة "ان ازمة الاسلام الحالية تتشكل من مكونين اساسيين هما حسب تقريرهم فشل في التواصل مع الاتجاه العالمي السائد، وفشل في الازدهار والنجاح". وسؤالي، هل تركنا الغرب نحن العرب خاصة والمسلمين عامة لكي ننجح في بناء دولنا واختيار حكامنا وازدهار اوطاننا؟ انهم لم يتركونا في حالنا نحن نعيش حربا لتلد حربا اخرى بفعلهم وتسليط عملائهم الذين نصبوهم علينا بقوة السلاح، فرنسا وعملاؤها ماذا يفعلون في ليبيا اليوم، امريكا ماذا تعمل في تركيا واليمن اليوم، وروسيا ماذا تصنع في سورية، اسرائيل ماذا تعمل في فلسطين ولبنان. انهم يريدون اسلاما تؤم المرأة الصلاة بالرجال والنساء، ويسمحون بالزواج المثلي وقس على ذلك. ❸ في هذا المؤتمر لامسوا ظاهرة الارهاب والارهابيين وخاصة القادمين من الغرب، وكأني بهم يتحدثون عن ارهاب المنظمات والافراد دون تمييز لكن السهام موجهة الينا نحن العرب، وكأن الغرب ليس فيه متطرفون ولا ارهابيون وخاصة ارهاب افراد او جماعات دينية وعنصرية كما حدث في مذبحة نيوزيلاندا ضد مصلين مسلمين، وبعض الولايات المتحدة الامريكية ومدن اوروبية اخرى يكثر تعدادها. انهم لم يتحدثوا عن ارهاب الدولة بكل انواعه (حصار اقتصادي، ارهاب اعلامي، وثقافي، وسياسي وعسكري.. الخ) فرنسا الدولة تمارس الارهاب في اكثر من دولة في افريقيا واشهر انواع ارهابها في ليبيا، امريكا الادارة الامريكية الحالية "ترامب" تمارس الارهاب ضد المهاجرين وضد الدول في امريكا اللاتينية، وتدعم الارهاب الصهيوني ضد الفلسطينيين، انها تمارس الارهاب بحماية الارهابيين كما هو الحال في اليمن والصومال والقرن الافريقي عموما. النتيجة: الارهاب اعظم اختراع استخدمته كل الانظمة السياسية عربية وغير عربية، في العالم العربي كل فرد او جماعة يبدون رأيهم في سياسة بلادهم الداخلية او الخارجية سرعان ما يتهمون بالارهاب فيتم اعتقاله ان كان فردا، وقد يعدم ويمزق جثمانه وان كانت جماعة فالويل لكل افراد الجماعة كما هو الحال بالنسبة للاخوان المسلمين في مصر، او حماس في فلسطين او الاصلاح في اليمن، في الغرب الدول التي لا تنصاع لسياسة بعض الدول الغربية تتهم تلك الدول بالارهاب فتتم ملاحقة قادتها وفرض الحصار عليها بحجة الارهاب، ولكن امتنا العربية باقية رغم المحن، ولكل طاغية وجبار نهاية، وقد تكون نهاية مقززة كنهاية معمر القذافي او علي عبدالله صالح في اليمن.