10 سبتمبر 2025

تسجيل

‏‫ الهوية.. لاجئ أو نازح !

10 سبتمبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الانفعال الإيجابي من "بعض" أوروبا تجاه قضية المهاجرين السوريين يجعلنا نشعر أن اللجوء السوري بدأ خلال هذه الفترة وليس منذ حوالي خمس سنوات تدفق فيها إلى خارج سوريا عدة ملايين فضلا عن النزوح الداخلي لملايين السوريين بين مدن وقرى سوريا بحثا عن الأمان ومتطلبات الحياة.ولعلنا في زحمة العواطف والتغطية الإعلامية لما يجري في أوروبا غاب عن أذهان بَعضُنَا أن الأردن استقبل حوالي مليون ونصف شقيق سوري يقيم حوالي ٩٠٪ منهم في المدن الأردنية والبقية في المخيمات، وأن لبنان استقبل مثلهم وهناك عشرات الآلاف ذهبوا إلى دول عديدة في المنطقة تحت مسميات عديدة من لجوء أو جاليات أو للعمل، أو ينسى بَعضُنَا أن ملف الأزمة السورية لم يبدأ بصورة الطفل الغريق بل هناك حوالي ربع مليون قتيل من ضحايا هذه الأزمة فضلا عن تدمير جعل سوريا تعود إلى الوراء حوالي ٤٠ عاما من التنمية وفقا لتقارير جهات دولية. والمؤلم في قضايا أمتنا أن اللجوء والنزوح أصبح هوية لعدد من شعوب أمة العرب التي تحولت أوطانها إلى قضايا وملفات دولية وإقليمية وقرارات دولية، وأول الحكاية كانت الشعب الفلسطيني الذي يتوزع معظمه بين لاجئ ونازح يقيمون في دول العالم، وحتى من يقيم منهم داخل الضفة وغزة في المخيمات فإنهم على أرض وطنهم لاجئ ونازح، وكذلك الحال أبناء الشعب العراقي الذي عانى الملايين منهم ومازالوا مرارة اللجوء والنزوح داخل أرض العراق وخارجها ليس نتيجة الاحتلال فقط بل على أيدي ميليشيات التطرّف السني والشيعي، ونتيجة حروب عديدة.واليوم يدخل الشعب اليمني محيط خطر اللجوء والنزوح نتيجة حالة التدمير التي تتعرض لها اليمن على أيدي ميليشيات الحوثي ومن يمولها سياسيا وماليا، ونتمنى أن ينجح الجهد العربي في حفظ اليمن دولة مستقرة قبل أن يحصل الأشقاء في اليمن على بطاقات المنظمات الدولية الخاصة باللجوء وتبعاته.والمفارقة أن هذا الحماس العاطفي تجاه السوريين في بعض دول أوروبا يأتي في ذات الوقت الذي تعلن فيه الجهات الدولية المعنية بالغذاء العالمي عن توقفها عن تقديم المساعدات الغذائية للسوريين ممن يحملون صفة لاجئ، أي حرمانهم من مصدر هام كان يوفر لهم مواد حياتية هامة لملايين الأفراد من خلال أسرهم، فكيف يمكن فهم هذا التعاطف بعد استشهاد الطفل مع توقف برنامج الغذاء الدولي عن عشرات الآلاف الأسر السورية في الدول التي تستضيفهم في منطقتنا. الهوية لاجئ أو نازح ليست مشكلة الأفراد من أبناء أمتنا الذين تحولت دولهم إلى أزمات وملفات دولية، بل هي هوية لعجز العالم عن إغلاق أي ملف إغلاقا عادلا يعيد الحقوق لأهلها ويعيد بناء الدول بعد هدم مؤسساتها وتفكيكها، فالعالم وبخاصة الدول الكبرى تتقن تفكيك الدول أما إعادة البناء والتركيب فإنه يغيب لمصلحة الفوضى والضعف، ولهذا فإن أي دولة تتدخل حدود الفوضى ويتحول أبناؤها إلى حملة هوية لاجئ أو نازح فإنها تدخل نفقا مظلما يصعب معه التنبؤ بقدرتها على العودة إلى المربع الأول. قدر هذه الأمة وشعوبها أن يتم استغفالنا بأحلام وردية، لكن طريق الأحلام يكون عبر السلاح والدم والإرهاب والاحتلال والقمع، حتى إذا ما دخلت النفق فإن حلمها يصبح السعي للعودة إلى ما قبل الأحلام مهما كان الأمر صعبا ومريرا.