12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); حكاية عصابة داعش الإرهابية في المنطقة العربية وأجزاء أخرى في العالم تصلح لأن تكون موضوع رواية ساخرة قد تتحول إلى فيلم كوميدي، وجانب السخرية فيها ليس في فكرها الظلامي الذي يضع التنظيم في خندق الإيمان والجنة ومالكي الحور العين، وبقية خلق الله تعالى، من مسلمين ومسيحيين وحتى أتباع الديانات الأرضية، في خندق الكفر الذي يستحق كل فرد فيه القتل حرقا أو رميا بالرصاص أو نحرا أو حتى رميا من سطوح الأبنية المرتفعة.لكن الجانب الفكاهي في حكاية عصابة التطرّف والإرهاب هو أنها تقف وحيدة ولو نظريا في مواجهة كل القوى المؤثرة ومن حولها من دول، فالكل يتحدث عن حرب يقوم بها على داعش، وحتى الخصوم ومنتسبي التحالفات المتناقضة يجتمعون على حرب داعش، وهناك أسراب الطيران والصواريخ والقمم الدولية والتنسيق العسكري الذي لا ينقطع، والهدف الحرب على داعش، لكن داعش ما زالت باقية وتحتل أجزاء من جغرافيا بعض الدول. المشهد اليوم فيه تحالف تقوده الولايات المتحدة يضم عددا كبيرا من الدول مخصص للحرب على داعش، فأمريكا معها بريطانيا وفرنسا ودول أوروبية عديدة وإلى جانبها دول عربية هامة في المنطقة تعمل عسكريا وأمنيا للقضاء على داعش، وهناك إيران ومعها أتباعها من ميليشيات مثل حزب الله وأخرى ميليشيات عراقية إضافة إلى الجيش العراقي والقوة العسكرية الكردية، وقبل شهور قليلة انضمت تركيا بشكل واضح لهذه الحرب.وعلى المحور الآخر في الأزمة السورية هنالك النظام السوري الذي يتحدث عن حربه على داعش، واليوم انضمت روسيا عسكريا إلى هذه الحرب بطائراتها الحديثة وصواريخها العابرة للبحار، ومعها على الأرض أيضاً ميليشيات حزب الله وقوات النظام السوري وربما أيضاً قوات روسية برية، وكل هذا العدد غير المسبوق من الدول والمحاور مخصص للحرب على داعش، لكن داعش باقية وتعمل.والمفارقة أنه حتى في فترة احتلال الاتحاد السوفييتي لأفغانستان في نهاية السبعينيات من القرن الماضي فإن القوى التي دعمت المجاهدين هناك لم تكن مثل التي تقاتل داعش اليوم لكنها هزمت الاتحاد السوفييتي وأخرجته من أفغانستان، بل كانت تلك الهزيمة من عوامل تفكيك الاتحاد السوفييتي بعد هزيمته بسنوات قليلة.كلهم يقصفون داعش ويخططون لإزالتها لكن حضورها لم يختلف كثيرا عما كانت عليه في بدايتها، ونسمع من بعض الدول ومنها روسيا أنها استطاعت تدمير أكثر من ٣٠٪ من البنية التحتية، ومن قبلها تحدث عن تدمير نسبة أخرى، وفي العراق سمعنا من القوات العراقية ومن معها من ميليشيات أنها دمرت لكن مازالت داعش تمثل التهديد الأمني الأكبر في المنطقة والعالم. والسؤال هل داعش هي التنظيم الذي نراه أم هو حالة أمنية عسكرية تريدها أطراف عديدة لتحقيق الغاية المطلوبة وهي تفكيك المنطقة، سكانيا وجغرافيا وإنسانيا، ومثل هذه الحالات المتطرفة التي تسيء إلى الدين وتدخل الناس بابتكار أساليب القتل قادرة على تشكيل حالة تساهم مع اللاعبين الكبار في تمرير الهدف الأكبر. هل داعش لافتة مدعومة بآلة إعلامية متقدمة مطلوب منها أن تمثل حصان طروادة لإدخال معطيات جديدة في المنطقة، وفرض حلول لأزمتها، ثم تختفي فجأة كما ظهرت كقوة ملفتة فجأة في الموصل وقبلها في سوريا، بينما تنظيمات أخرى عديدة من ذات المدرسة تصارع للبقاء رغم أنها ليست تحت نيران كل القوى الدولية من مختلف المحاور كما هو حال داعش. رغم أن عصابة داعش تتحدث بتطرف وتمارس الإرهاب إلا أنها ليست أكثر من مستهلك ذكي لسلعة التطرّف والإرهاب، ومن يقودها ويوجهها جعل منها أداة لتعزيز الحالة السلبية من تطرف ومذهبية بين المسلم والمسيحي أو داخل صف المسلمين من سنة ومذاهب أخرى. داعش حتى اليوم ليست أكثر من مجموعة عمليات قتل وإجرام يتم تسويقها بماكينة إعلامية متقدمة ومحترفة، ومهما يكن لديها من إمكانات بشرية فإنها أقل مما نراه، وحتى تسويقها في المنطقة والعالم فإنه كان بأداء محترف جعل كل بيت يخاف أن يصحو ويجد على باب غرف نومه سيوف وبنادق عصابة داعش.مثلما هي صناعة النجوم من أهل السياسة والفن والإعلام وحتى الإجرام، فإن جزءا من حكاية داعش فيها صناعة نجم التطرّف والإرهاب في المنطقة والعالم، لكن منتج هذا العمل ومن يبيع التذاكر ويعود إليه مردود الفيلم أو ينتج منه أجزاء جديدة فهذه حكاية جديدة، ورغم إجرام فعل هذه العصابة إلا أن عدد من ماتوا في إجرامها أقل ممن ذهبوا ضحايا نتيجة سياسة دولية في إدارة أزماتنا، فدول في عالمنا العربي تفككت، وتم تدمير كل بناها ومؤسساتها، وتشريد شعوبها، وإذا كانت داعش بتطرفها تدمر آثارا في تدمر مثلا، فإن دولا كبرى دمرت في منطقتنا حضارات، وقتلت الملايين من الناس. داعش عصابة تطرف وإرهاب أو لنقل إنها عقل متطرف وبندقية إرهابية تقدم خدماتها لأطراف عديدة، بل أطراف متناقضة، لكن الخاسر الكبير هو دولنا وشعوبنا وحضارتنا والتنمية وحق الإنسان في حياة طبيعية.