13 سبتمبر 2025

تسجيل

ما وراء سلة الفواكه تلك؟

10 يوليو 2024

في حديثٍ عن ذكريات الزمن الجميل مع أحد أصدقاء الدراسة الذي التقيت به بالصدفة، وقد أصبح لديه أحفاد كحالتي، تجاذبنا شريط الذكريات وكان منها هذه الحكاية، يقول في معرض ذكرياته عن اهتمامه بأبنائه عندما كانوا صغارًا، كنت كلما مررت في صالة الجلوس على سلة الفواكه ألمح شيئًا منها على وشك أن تنتهي صلاحيته فأبادر بأكله مباشرة واترك لأبنائي الفواكه الجيدة، ثم ارجع في اليوم التالي لأجد سلة الفواكه كما كانت بالأمس فأتفقدها وأعيد الكرة، وفي نهاية المطاف أجد نفسي قد أكلت سلة الفواكه لوحدي ولكن ليست تلك الفواكه الطازجة التي جلبتها من السوق، ضحكنا كثيرًا على تلك القصة ثم توادعنا وما زال عالقًا في ذهني شيءٌ مما قاله صاحبي. ذكرت تلك القصة البسيطة لبعض أصدقائي المقربين فضحكوا جميعًا، لقد لامست شيئًا في أعماقهم، بل إن البعض منهم صرح بأنه يفعل الشيء نفسه مع أبنائه، قد لا ينتبه الأبناء لهذه التفاصيل وقد يعتبرها البعض من الطبيعي أو الغريزي أن يضحي الأب أو الأم لأجل أبنائهم، في حقيقة الأمر إن الآباء والأمهات، في أغلب الأحيان، يستمتعون بما يقدمون لأبنائهم، يوفرون ما يحتاجه الأبناء حتى لو قصروا على أنفسهم، وتجدهم يفعلون ذلك بكامل الرضا والسعادة، البعض يعتبرها تضحيات ويتذكرها مباشرة عند أول خطأ أو تقصير يحدث من أحد الأبناء، فيبدأ بسرد تلك التضحيات التي في اعتقاده أنها لم تكن محل تقدير من الأبناء مع أن الموقف قد لا يحتمل كل ذلك. أعجبني أحد الأصدقاء عندما قال: « أنا عن نفسي لا أشتري الفواكه من أجلهم فقط بل أنوي أن أشتريها لي ولهم، فأنا لا أنسى حظ نفسي، لذا أستمتع بسلة الفواكه وهي طازجة وأشجعهم على مشاركتي المتعة ولا أحملهم تبعات التضحيات غير الضرورية ولا أجعل لها نصيبًا مظلمًا من ذاكرتي، وهذا النمط من الآباء غالبًا ما يعيش في سلام داخلي مع نفسه ولديه هامش كبير من التسامح والعفو. أما إن كنت مصرا على التضحيات بطريقة الزمن الجميل وأردت أن تشتري فواكه لأبنائك فابتعد عن الحساسة منها وتلك التي تفسد سريعًا، حتى لا تشكل خطرًا على صحتك عندما لا يسعفك الأبناء فتضطر أن تأكلها بنفسك.