16 سبتمبر 2025
تسجيل«عساك حلَيت الوظيفة» أول سؤال نطرحه على بعضنا البعض كطلبة عند دخولنا للصف في مدرستنا الابتدائية. ليس هناك خيار آخر للطالب، إما الحضور مؤديا الواجبات أو التغيب متعذرا بشرب «العشرج» أو المرض، وفي بعض الأحيان يبعث بطالب آخر لإحضار المتغيب من بيته نظرا لقرابته أو صلته الحميمة به ومعاقبته، إذا شك في مرضه. أخذت المدرسة دور الأب أو ولي الأمر، لقد سلم الآباء ابناءهم طائعين فرحين تسليما غير مشروط للمدرسة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ قطر، وأعني بداية الستينيات من القرن الماضي. «لك اللحم ولنا العظم» هذه العبارة سمعتها مرارا وتكرارا من العديد من الآباء القطريين في حينه وهم يحادثون مدير المدرسة، «أحضر والدك» هي الكلمة الدارجة من قبل مدير المدرسة لا نقاش مع طالب يتأخر ولا يقوم بواجباته المنزلية، حتى إن سلطة المدرس تعدت جدار المدرسة الى المجتمع المحيط حولها، عندما يصل الى علم الاستاذ أنك قمت بفعل مشين أو سيئ خارج الدوام المدرسي، كانت المدرسة النظامية وعيا جديدا لذلك الجيل، خاصة في ضواحي مدينة الدوحة الهادئة نظرا لصرامة قوانينها ورغبة المجتمع الشديدة في تعليم ابنائهم. اختلفت المدرسة عن رحابة المجلس والحرية المتاحة فيه، بنظامها وقوانينها وبغربة جنسيات اساتذتها عن وعي الطلبة في حينه، حيث لم يكن هناك في الريان في ذلك الوقت سوى أهل قطر وبعض «الصبيان» والمزارعين من جنسيات مختلفة، شكل دخول المدرسة نفسية جديدة لدى شباب ذلك الزمان من الطلبة وتحديا عليهم التعامل معه بشكل لم يعهدوه سواء في مجالسهم أو في عامة الفريج المتجانس والمتقارب بشكل تلقائي، فكان الحديث دائما عن المدرس الطيب، والمدرس الشديد الذي يجلب الخوف ويدخل الرعب بمجرد دخوله الفصل، واذكر هنا أسلوب «الفلقه» ضرب رجلي الطالب بعد استلقائه حتى الاحمرار والطلبة الاخرون يشهدون ذلك للاتعاظ، فقد كان مصدر رعب وخوف وحصته كانت بلاء شديدا لا ينقذنا منها سوى الجرس، وهناك الاستاذ الطيب الذي نتلهف لدرسه ولمادته في العلوم والاجتماعيات ونقوم بأداء الواجبات حبا لا خوفا، وهناك المدرس الذي يعينه أحد كبار القوم مباشرة لأنه يدرس ابناءهم القرآن ويقرأ عليهم الاحاديث عصراً فهو بالتالي اشد حضوراً وقوة من المدرسين المتعلمين.