17 سبتمبر 2025

تسجيل

مجتمعنا الجميل

10 يوليو 2019

بالرغم من عملية التحديث النشطة في مجتمعنا القطري وتبعاتها الاجتماعية، لا تزال الشخصية القطرية الأصيلة محافظة على جمال الروح الذي جُبلت عليه، نعم أصبح المجتمع يدفع تكلفة اجتماعية أكبر من ذي قبل نتيجة طبيعية للتغير والتطور في طبيعة المجتمع وفي دور الدولة كذلك عما كان في السابق، هناك بقايا طيبة من الآباء تدرك الأبناء وتصلهم بتراثهم الاجتماعي التوافقي، كثير من الشباب الذين نتعامل معهم يومياً لا نعرفهم شخصياً، ولكن نعرف آباءهم أو أقرباءهم الأكبر سناً الراحلين منهم أو الذين لا يزالون على قيد الحياة، فتشعر بحرارة العلاقة القديمة وقد تجددت مع هذا النشء الصغير، وكأنك تعيش عصر والده الذي عاصرته، تميز المجتمع القطري عن غيره من المجتمعات الخليجية بوجود المجالس ذات الطابع الاجتماعي بالذات بعيداً عن السياسة أو الأيديولوجيا، مجالس تقوم على تنقية السلوك الاجتماعي للأبناء بشكل يجعل من التوافق سبيلاً وخياراً متاحاً لجميع أفراد المجتمع، أنا أعتقد أننا أمام تحدٍ كبير للاحتفاظ بجمالية مجتمعنا القطري المتمثلة في علاقاته مع بعضه البعض، حيث لم يعد ظاهراً منها اليوم سوى الالتقاء في مناسبات الزواج ومناسبات العزاء، حيث تجد حضوراً كبيراً وشوقاً متلهفاً للقاء، وكأننا نعيش في مجتمع تفصله مساحات هائلة عن بعضه البعض، المهم ألا يشعر المجتمع بالغربة عن ذاته، ميكانزمات التواصل الاجتماعي لم تعد متوافرة بالشكل السابق الذي يخلق روحاً حميمية نتيجة التواصل اليومي، لذلك قيمة جيلنا الحالي في نقل ذلك ولو شفاهة إلى النشء الجديد الذي أبصر النور مع بداية التحولات التي أتت على طبيعة المجتمع المادية التي تشكل ذاكرة هامة للبعد المعنوي لأفراد المجتمع، لا يزال المجتمع القطري جميلاً بأفراده، لا يزال جميلاً بمجالسه، لا يزال جميلاً بطيبة أهله، لا يزال جميلا بعلاقاته التي يمكن أن يقيمها ببساطة بمجرد استذكار الماضي المشترك. روح المجتمع السارية حتى الآن يجب المحافظة عليها، كنت في زيارة أخ عزيز بمناسبة زواج أحد أبنائه، وجدت المجتمع عنده مباركاً وفرحاً، وفي مناسبة حزينة لصديق آخر عزيته، وجدت المجتمع عنده معزياً وحزيناً، هذا هو المجتمع القطري الجميل، وهذه هي روحه السارية عبر الزمن، اللهم أحفظ حاضرنا كما حفظت ماضينا ويسر لنا مستقبلنا بدعاء الضعيف منا.