18 سبتمبر 2025

تسجيل

زيارة تاريخية تُعيد صياغة المشهد الإقليمي

10 يوليو 2019

واشنطن استقبلت صاحب السمو بحفاوة استثنائية   حقيقة ساطعة أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام العالم بأن قطر شريك إستراتيجي، وأن صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني صديق رائع وحليف عظيم للولايات المتحدة وقائد حقيقي يحظى باحترام العالم، هذه العبارة تختصر المشهد السياسي بأكمله، وتعبر عن واقع الحال للدور الذي تنفرد به قطر على مستوى المنطقة. إن لقاء القمة بين صاحب السمو والرئيس ترامب الذي شاهده الملايين حول العالم كان بشهادة الخبراء قمة كبار جمعت حليفين إستراتيجيين، وهو مستوى لم تبلغه دول كثيرة، حيث إن هناك من أنفق المليارات لتشويه صورة قطر وسمعتها أمام المجتمع، وقالوا إنها صغيرة جداً، لكن قطر اليوم تثبت للعالم من البيت الأبيض أنها كبيرة جداً بدورها وحضورها السياسي القوي على الساحتين الإقليمية والدولية. أهمية زيارة صاحب السمو إلى واشنطن أنها تشكل محطة بارزة ونقلة نوعية في مسيرة العلاقات الإستراتيجية القطرية الأمريكية، وهو ما أشار إليه الرئيس ترامب في تصريحات جاءت بمثابة القول الفصل، الذي وضع النقاط على الحروف مسقطاً كل الافتراءات والأكاذيب التي أطلقها البعض ضد قطر. إن كلام الرئيس ترامب اعتراف عالمي بأهمية قطر ودورها الإقليمي وشهادة إقرار بحاجة المجتمع الدولي إلى الاستفادة من دور قطر في حل النزاعات الإقليمية ومد جسور الحوار لتسوية الخلافات، وفي ذلك يتجلى الفرق الكبير بين من حاول أن يحاصر قطر وبين من أدرك أهمية الانفتاح على قطر كهمزة وصل بين الشرق والغرب وبين الدول والشعوب.  من هذا المنطلق يمكن التمعن في قراءة أبعاد زيارة حضرة صاحب السمو إلى الولايات المتحدة، حيث تكتسب دلالات بالغة الأهمية تتجاوز الأطر البروتوكولية والعلاقات الدبلوماسية إلى الأبعاد السياسية والإستراتيجية الآتية: • أولاً: الزيارة جاءت مستندة إلى ترتيبات مسبقة تم الإعداد لها بطريقة مدروسة ومنسقة لكي تكون زيارة مثمرة وناجحة تتناول الكثير من الملفات الإقليمية والاستثمارات المشتركة بمستوى الشراكة الإستراتيجية. • ثانياً: استقطبت زيارة صاحب السمو اهتمام دوائر القرار السياسي، حيث عبر مسؤولون كبار في الكونغرس والخارجية عن أهمية زيارة سمو الأمير والنتائج المرتقبة لمحادثات القمة، كما استأثرت بتغطية معمقة في وسائل الإعلام الأمريكية. • ثالثاً: الزيارة هي الثانية لأول زعيم خليجي يزور واشنطن لعامين متتاليين، هذا العام 2019 والعام الماضي 2018، مما يعكس رغبة الدولتين في دفع العلاقات بين البلدين إلى أرفع مستويات التعاون. • رابعاً: أحيطت الزيارة بحفاوة استقبال استثنائي، حيث أقيمت لصاحب السمو مراسم استقبال عسكري وجلسة محادثات تكرس عمق الشراكة الأمنية والعسكرية والسياسية. • خامساً: شكلت مأدبة العشاء التي أقامها سعادة السيد ستيفن منوتشن وزير الخزانة في الولايات المتحدة، تكريماً لسموه علامة فارقة، حيث جمعت حضوراً واسعاً لكبار المسؤولين الأمريكيين، وعلى رأسهم الرئيس ترامب مما أضفى أهمية استثنائية للمأدبة، التي شهدت كلمات تضمنت مواقف سياسية تاريخية، إلى جانب رمزية الشراكة مع وزارة الخزانة الأمريكية في مكافحة تمويل الإرهاب. • سادساً: جاءت الزيارة بالتزامن مع التطورات الخطيرة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وخصوصا الخليج في ظل التوتر بين إيران والولايات المتحدة، مما يؤشر إلى دور قطر في نزع فتيل التصعيد، وهذا ما أشار إليه صاحب السمو بقوله في البنتاغون: قطر وواشنطن تعملان معاً لتخفيف التوتر في المنطقة. • سابعاً: تزامنت الزيارة مع نجاح جولة الحوار الأفغاني الأفغاني الذي استضافته الدوحة، إلى جانب المفاوضات الأمريكية الأفغانية، مما يؤكد مدى ثقة واشنطن بجهود الوساطة التي تقودها قطر لحل الملفات الشائكة. • ثامناً: الزيارة تتزامن مع مرور عامين على حصار قطر وأزمة الخليج غير أن ملفات الشراكة المطروحة بين قطر والولايات المتحدة تجعل موضوع الحصار تفصيلاً صغيراً قياساً على الملفات الإستراتيجية بين البلدين. • تاسعاً: الزيارة تشكل نقطة تحول في الحوار الإستراتيجي، حيث تأتي قبل أشهر من انطلاق الدورة الثانية من الحوار الإستراتيجي القطري الأمريكي التي تستضيفها واشنطن في يناير 2020. • عاشراً: الزيارة عكست مستوى الشراكة في الاستثمارات المشتركة في مجالات الطاقة والصناعة والعقار والطيران، خلافاً لواقع العلاقات مع الدول الأخرى، حيث الصفقات تنحصر بين بائع ومشترٍ، في حين أن قطر وأمريكا شركاء في مشاريع استثمارية في الولايات المتحدة تخدم مصالح الشعبين والبلدين. • حادي عشر: الزيارة تعزز الشراكة في مكافحة الإرهاب، وهو ما أشار إليه صاحب السمو بأن قطر والولايات المتحدة تعملان معاً لاجتثاث الإرهاب وتمويله أينما يتجذر. • ثاني عشر: عززت الزيارة التكامل بين البلدين في مجال المونديال، حيث يصبح التعاون وتبادل الخبرات مهماً باعتبار أن قطر تستضيف المونديال عام 2022 فيما الولايات المتحدة تستضيف البطولة عام 2026. الأبعاد والدلالات كثيرة، لكن يبقى الأهم أن الزيارة محطة تاريخية في مسيرة العلاقات القطرية الأمريكية تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والرؤية السياسية والاقتصادية الطموحة، وتفتح الآفاق أمام كثير من المبادرات السياسية تجاه قضايا المنطقة سنرى ثمارها في قابل الأيام. ولعل الرسالة الأهم هي التي قدمها صاحب السمو بحضوره المميز وشخصيته القيادية وتصريحاته العميقة المضمون التي عكست انطباعات إيجابية جداً تحدثت عنها الصحافة الأمريكية بكثير من الاحترام والتقدير.        [email protected]