11 سبتمبر 2025

تسجيل

القومية العربية لم تنجح في بناء الأحلام

10 يوليو 2018

 ثلاث قواعد تقف عليها العلاقة القطرية والتركية  المستقبل سيكون لأولئك الذين ينضمون لتحالفنا في عام 1915 وعدت الحكومة البريطانية الشريف حسين بن علي بالاعتراف باستقلال العرب وإنشاء دولة عربية متحدة مقابل اشتراكهم معها والحلفاء ضد الأتراك، فما استقل العرب وما قامت دولتهم. كانت هذه البداية لفكرة القومية العربية الحديثة التي عززها قدوم جمال عبدالناصر للحكم في مصر وإعلانه قيام الجمهورية العربية المتحدة عام 1958، ليقوم بعدها عبدالناصر بالكثير من التصرفات التي أثبتت أن "القومية" كانت شعاراً سياسياً لتحقيق أهداف شخصية فقط. اليوم بعد كل ذلك تأتي تركيا لصدارة المشهد العربي كدولة قوية أصبحت لاعباً دولياً مهماً وكياناً لا يمكن رسم مستقبل المنطقة دون وجودها، ووجودها كلاعب رئيسي فيه. العلاقة القطرية التركية علاقة مميزة على كافة المستويات، خاصة القطاع الاقتصادي الذي تعتبر فيه قطر ثاني أكبر المستثمرين في تركيا، وتعتبر تركيا أكبر المصدرين لقطر. العلاقة القطرية التركية وبناء على الأزمات التي مر بها كل جانب وموقف الجانب الآخر منها تحولت إلى مرحلة تحالف، هذا التحالف يعتمد على ثلاث قواعد رئيسية: أولاً: التحالف مع شريك موثوق: فبالنسبة لتركيا فإن قطر شريك موثوق فيه، ولعل الموقف القطري في أزمة انقلاب تركيا أو في كثير من القضايا التي تعرضت فيها قطر لمحاولات الضغط لاتخاذ موقف لا يتناسب مع سيادتها أو يخالف التحالف يظهر ذلك، كما أن الموقف التركي الواضح من حصار قطر والتماهي مع السياسة القطرية في كثير من الملفات الإقليمية والدولية يجعلها في المقابل محل ثقة قطرية، فالثقة متبادلة بين الطرفين. ثانياً: التحالف مع شريك قوي: حيث تملك قطر مصادر قوى مختلفة، مثل قوتها كلاعب سياسي دولي مهم، أو القوة الاقتصادية أو القوة الناعمة أو غيرها من القوى التي تتمتع بها قطر كدولة، بينما تملك تركيا مصادر قوى مشابهة ومختلفة أيضا مثل القوى السياسية والبشرية والعسكرية والاقتصادية وغيرها، تشابه مصادر القوة وتعددها يجعل العلاقة القطرية التركية تدخل مرحلة التكامل، وما الاستثمار القطري الأخير في قطاع الصناعات العسكرية التركية لهو خير دليل. ثالثاً: التحالف مع شريك مستقر: فقد أوضحت الأزمات التي مر بها الطرفان أن القيادة السياسية وطريقة إدارة الدولة تضمنان استقرار البلاد في أعتى الظروف والأزمات، فما بالك في أوقات الرخاء، وما أزمة الليرة وقبلها الانقلاب في تركيا وما أزمة حصار قطر إلا خير دليل على ذلك. إن المستقبل في المنطقة يرسم الآن بشكل جديد، وأكاد أجزم بان الدول التي ستنضم لتحالف قطر وتركيا هي الدول التي تريد رسم مستقبلها بما يضمن لها النجاح والبعد عن تقلبات ومخاطر ما يحدث حولها. أعود للشريف حسين وجمال عبدالناصر، وأذكر أن جامعة الدول العربية انشأت أيضا في عام 1945، ومنذ ذلك الوقت كنا نتحرج القول لأي دولة غير عربية بأنها شقيقة، واليوم أعتقد أن المستقبل يعتمد على المواقف والمصالح، فلا يعقل أن اسمي دولة تعادينا في كل مكان مثل الإمارات "شقيقة" ودولة تقف معنا في كل الأزمات والمجالات "صديقة". قطار العلاقات القطرية التركية لن يتوقف، ومن يريد اللحاق بركب المستقبل أن يقطع تذكرة في قطار "الأشقاء الحقيقيين".