26 أكتوبر 2025

تسجيل

حربٌ قادمة يقودها الجُهّال 

10 يوليو 2018

يبدو أن تسارع الأحداث في منطقة الشرق الأوسط تُنبئ عن بوادر اندلاع حرب أخرى في ظل التحالفات الإقليمية واستمرار الإملاءات الأمريكية على حليفتيها السعودية والإمارات لرفع انتاجهما النفطي للسوق العالمي لتغطية الطلب العالمي على النفط بعد تطبيق العقوبات الأمريكية على الصادرات الإيرانية على إثر انسحاب الأولى من الاتفاق النووي مع إيران، وهو ما يعني بأن ترامب عازمٌ على خلق أزمة صدام بين دول الخليج مع إيران تُنفذها بالوكالة حليفتاه الطامعتان لكسب رضا الإدارة الأمريكية وترجمة سياستها الرامية للضغط على طهران وبالتالي إثارة أزمة قد تُسفر عن نزاعات في المنطقة لن يُحمد عقباها. ولعل تلويح الرئيس الإيراني حسن روحاني أثناء إلقاء كلمته أمام حشد من الإيرانيين المقيمين في سويسرا له دلالاته الخطيرة التي وجهها بصريح العبارة لأمريكا وحلفائها في الخليج بان إيران لن تسمح بإيقاف تصدير نفطها وأن منعها يعني ألاّ أحد في المنطقة سيقدر على تصدير نفطه، وهو ما يعني بأن السلطات الإيرانية ستستخدم ورقة مضيق هرمز الذي تتحكم به، وهو ما أدلى به في السابق مسئولون إيرانيون هددوا بغلق المضيق الذي يعد مساراً رئيسياً لشحن النفط الخليجي في حال قامت أمريكا بأي عمل عدواني على إيران. وكان وزير التخطيط السياسي في الخارجية الأمريكية بريان هوك قد أكد أن بلاده ستفرض مزيداً من العقوبات على إيران وستضغط من أجل تقليص عائدات النفط الإيراني إلى الصفر الذي ستدخل حيّز التنفيذ في الرابع من أغسطس المقبل، وهو ما يعني بأن الأمريكيين جادّون فيما يقولون بعد أن قرّروا الانسحاب من الاتفاق النووي وهو ما يعني أيضاً بأن تصدير النفط الخليجي هو الآخر مهددٌ في حال استخدمت أمريكا قوتها ونفوذها ومنعت من تصدير النفط الإيراني. ومن المؤسف أن الدول الخليجية التي تدعم أي ضغط أمريكي على إيران وأعني بذلك السعودية والإمارات والبحرين لم تتعلّم من تاريخها الجيوسياسي وأزماتها التي امتدّت منذ حرب الخليج الأولى حتى يومنا هذا وما كلفته من خسائر في الأرواح والممتلكات وما تبعه من تعطيل تام للملاحة البحرية في المنطقة، فقد يتكرر نتيجة الإملاءات الأمريكية على هذه الدول سيناريو حرب الناقلات التي اندلعت في خضم الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي عندما استهدفت إيران كل الناقلات والسفن الخليجية وأوقفت إمداد النفط لفترة من الزمن نتيجة تحكمها بمضيق هرمز، وبحسب المتداول في التقارير الغربية، تملك إيران القدرة على إغلاق مضيق هرمز في إجراء وقائي قبل أن تُقدم أمريكا على أي تصرف أو إجراء عدواني عليها وذلك من خلال طرق عديدة ومن أبرزها نشر الألغام البحرية التي تعتبر خياراً إستراتيجياً في العقيدة البحرية الإيرانية وتمتلك مخزوناً يصل لخمسة آلاف لغم. إذن من الواضح بأن مستقبل المنطقة على كف عفريت في غياب الحكمة والمنطق التي غابت وألقت بظلالها على المنطقة وبتسارع متناهٍ، كان أبرز ما فيه أن الذين يقودون أزماتها هم أنفسهم الآن الذين يجرّون المنطقة إلى حرب طاحنة ومدمرة قد تتسع جغرافيتها وتزيد أعوامها وما من مستفيد إلا من أوقد نارها. فاصلة أخيرة عندما تتلاقى الحماقة والمصلحة بين الرئيس ترامب وبن زايد وتابعه المُطيع بن سلمان، فحتماً لا مكان لمصلحة الشعوب الخليجية في هذه المعادلة التي بُنيت على باطل ونتيجتها الحتمية هو إلحاق الأذى والخراب للمنطقة برمتها.