27 أكتوبر 2025
تسجيلقال تعالى في كتابه العزيز (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ، وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا، وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيرا) دون تخصيص لمن قصدهم قوله تعالى في هذه الآية فإن المعنى العام أن الله يعفو عن عباده متى أخلصوا العبادة والطاعة، وأصلحت أقوالهم وأعمالهم، فالله سبحانه لا ينزل بلاء إلا بذنب ولا يرفعه إلا بتوبة، والذي يراجع ما قاله المفسرون في بيان العباد الذين سلطهم الله تعالى، يرى أقوالا متعددة يبدو على كثير منها الاضطراب والضعف كي نعتبر ونتعظ وأبرزها أن الإيمان والصلاح عاقبتهما الفلاح، وأن الكفر والفساد عاقبتهما الشقاء، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى. ما يقوم به الأشقاء المتمادون في الخصومة وفرضهم إجراءات ضد قطر، والتي سميت بالحصار، تفرض تساؤلات حول جدوى مثل تلك الإجراءات، سواء كانت حصارا أم مقاطعة، فالمنافذ التي أغلقت بعد تلك الإجراءات تم فتح منافذ أخرى بديلة جوا وبحرا وفتحت مقابلها أبواب دول كبيرة وقفت بحزم مع قطر وهو ما يضع المزيد من علامات الاستفهام أمام جدوى ما اتخذته الدول الخليجية من إجراءات ضد قطر. قطر نجحت في إظهار مدى ظلم هذه الإجراءات للعديد من دول العالم، التي أبدت تعاطفا مع الموقف القطري، ويتفق المحللون أجمعون أن الدول التي فرضت هذا الحصار هي الخاسرة لأن الشركات السعودية والإماراتية، كانت تحظى بحصة كبيرة من السوق القطري وهو ما انقطع تماما الآن. قطر نجحت في إحراج الأشقاء المحاصرين لنا بدعوتهم للحوار والنظر والبحث في كل الادعاءات التي لا تتعارض مع سيادتها لحل الخلاف، في حين رفضت دول الخليج المحاصرة لقطر التفاوض حول الأزمة، معلنة أن الدوحة ليس أمامها خيارات سوى القبول أو الرفض، وهو أمر بدا مستغربا وغير مفهوم، وفتح مجالا للتساؤل حول الأبعاد الحقيقية لأزمة الخليج. قطر تسير وفق توجيهات الحكومة الرشيدة وأحرجت دول الحصار حين قبلت المراقبة المالية لتكذيب اتهام تمويل المنظمات الإرهابية لكن بشرط أن توافق دول الخليج المحاصرة لقطر على الإجراء نفسه وهو ما رفضوه بسبب /المخاوف المشروعة/ من التهديدات الإرهابية، لذا لا نقبل أن تؤدي هذه المخاوف إلى المساس بالسيادة الوطنية لدولة قطر، فهذا أمر مرفوض وغير قابل للتفاوض . رفض دول الخليج المحاصرة لقطر، التفاوض أو الحوار هو أمر ينم عن شيء خفي وراء الأزمة، فالطبيعي أن تطلب دول الحصار الحوار وليس العكس، لذلك فإن هذا الوضع المعلن من الأطراف المحاصرة يؤكد أن شيئاً خفياً مازال لم يتضح وغير مفهوم فالطرف الآخر يرفض الحوار بشكل غير مفهوم. التهديد بتصعيد الحصار أو القطيعة يعقد الأزمة بين الطرفين وأمام هذا التعقيد يطالب جميع المراقبين والمتابعين للأزمة بضرورة اللجوء للحوار لحل الأزمة بين قطر ودول الجوار الخليجي، ويبدو أن دول الحصار كما قالها وزير الخارجية القطري الدبلوماسي المحنك سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني //دول الحصار تضع العربة أمام الحصان وتطلب منا التخلي عن سيادتنا مقابل رفع حصارهم// . الشعب القطري الذي ضرب أروع مثال للوطنية بالتفافه وراء قيادته أبدى استعداده كذلك للحوار مع شعوب الدول المحاصرة ورحب بأية جهود جدية لحل الخلاف معهم لكن لن يرضخوا للابتزاز ولا مجال لقبول التدخل في شؤونهم بمحاولات إرغام الدوحة على تسليم سيادتها والتخلي عن نهجها السياسي المستقل . طريق الحوار هو الحل للخروج من الأزمة قال تعالى (وإن عدتم عدنا) وسلامتكم