19 سبتمبر 2025

تسجيل

التنويع من خلال التصنيع

10 يوليو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بحسب ظني المتواضع، لم تواجه دول مجلس التعاون في تاريخها الحديث تحديا كالذي تواجهه اليوم فيما يخص تنويع مصادر الدخل.وابتداء، نحن نلاحظ بالفعل ما يذهب إليه بعض الكتاب والاقتصاديين من أن جميع دول العالم تعتمد بشكل أو بآخر على موارد بعينها سواء كانت زراعية أو مواد خام أو صناعية،ودول الخليج ليست استثناء من هذه القاعدة، لذلك يجب ألا يعطى هذا الموضوع أكبر من حجمه، خصوصا أن دول المجلس لديها القدرة على الاستمرار في الاعتماد على النفط لفترة طويلة قادمة. وإذا كان هذا الكلام صحيحا إلى حد مقنع لدى البعض، فان وجهة نظر أخرى تقول ان النفط ليس مادة متجددة كالزراعة او المواد الخاص الطبيعية الأخرى، بل هي مادة ناضبة، كما أن الطلب عليها في الأسواق العالمية هو من يتحكم في أسعارها وليس جانب العرض، فان ذلك يعني أنها خارج سيطرة الدول المصدرة، وبالتالي فان مواردها أيضا خارج سيطرة هذه الدول مما يعرض برامج التنمية في هذه الدول إلى تقلبات غير محسوبة، وان كان هذا العامل الأخير ينطبق إلى حد ما على بقية أنواع الصادرات.على أية حال نحن نعتقد أنه من الضرورى على دول المجلس وعلى المديين المتوسط والبعيد التعامل مع هذا الموضوع، لأته حتى في حال عودة أسعار النفط للانتعاش، فان ذلك يعني بالدرجة الأساس انتعاش الميزانيات المالية للحكومات، وسوف يكون تأثيره على بقية القطاعات مرتبطا بمدى تحول هذه الإيرادات إلى انفاق استثماري، وهو أمر بات يتضاءل بحكم تعاظم سيطرة النفقات الجارية على تلك الميزانيات. علاوة على هذا وذاك، فان دول المجلس تعاني من تحديات اقتصادية خارجية وأخرى داخلية هيكلية على جبهة تنويع مصادر الدخل.فعند النظر إلى هيكل صادرات دول مجلس التعاون الخليجي، تبرز أمامنا عدة سمات رئيسية أهمها أن العنصر الأساسي في الصادرات كما ذكرنا هو الوقود المعدني، والبترول اذ يشكل 88 %، ثم البتروكيماويات. وكذلك تركز الصادرات في مجموعات جغرافية محددة مما يشير الى تشابه هياكل الصناعة الخليجية ومحدوديتها.إن الجوانب السلبية لتلك الحقائق تزداد تعمقا اذا ما أخذنا بالاعتبار المستجدات الاقتصادية الدولية المتمثلة في تزايد اعتماد النمو في الدول الصناعية على ما بات يعرف بالاقتصاد الجديد القائم على التكنولوجيا. كذلك استمرار عدم الاستقرار في أسواق النفط وتذبذب أسعاره مع زيادة حدة المنافسة في الأسواق العالمية وتصاعد دور التكتلات الاقتصادية الإقليمية، بالإضافة إلى تعاظم دور القدرات العلمية والتقنية في تحديد المزايا النسبية للتجارة الدولية وبالتالي تراجع الأهمية النسبية للموارد الطبيعية وتصاعد المنافسة الدولية على استقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية وتحول معظمها لمناطق جديدة من العالم مثل منطقة جنوب شرق آسيا، وكذلك ظهور منظمة التجارة الدولية وما يتبعها من اتفاقيات وإجراءات وانفتاح الأسواق العالمية وتزايد الاتجاه نحو العولمة.وعلى صعيد هيكلة الاقتصاديات الخليجية، يبرز أمامنا عدد من المعوقات التي تجعل دول المجلس لا تتقدم بالسرعة المطلوبة لتحقيق التنويع المطلوب في مصادر دخلها، حيث ان اقتصاديات هذه الدول كدول نامية لا تسمح لها بإعادة هيكلة أساسياتها الاقتصادية بصورة سريعة قد تكون سلبياتها اكثر من ايجابياتها، فدول المجلس يجب ان تتخذ لنفسها منهجا في الانفتاح الاقتصادي يتمثل في رسم استراتيجية متأنية مدروسة تأخذ في الاعتبار ايجابيات وسلبيات كل خطوة تخطوها في هذا الصدد.إن نشاط التصدير وتنويع الصادرات يجب أن يأخذ الحيز الأكبر في جهود تنويع مصادر الدخل وتنويع القاعدة الإنتاجية وتدعيم موازين المدفوعات وتوفير فرص العمل للمواطنين. ومهما قيل عن جهود خليجية ناجحة لاستقطاب الاستثمارات وتنويع قطاع الخدمات والسياحة والتعليم وغيرها، سوف يبقى للصناعة القول الحاسم في تنويع مصادر الدخل وهذا ما تثبته تجارب جميع الدول سواء الصناعية المتقدمة أو المتطورة حديثا.إلا إن تنفيذ التنمية الصناعية وتنويع التصدير يستدعي توفير العديد من المتطلبات أهمها ضرورة مشاركة الحكومات في إقامة المشروعات الصناعية لتكملة جهود القطاع الخاص في دعم عملية التنمية الصناعية من خلال القيام بشكل جماعي او منفرد بإقامة المشروعات الصناعية ولاسيما المشروعات المشتركة مع القطاع الخاص ضمن حدود معينة مثل مشروعات الصناعات الأساسية او الثقيلة المتميزة بارتفاع احتياجاتها الرأسمالية او ارتفاع مخاطرها، ومشروعات الصناعات ذات الأهمية الأمنية لدول المجلس، ومشروعات التقنيات المتطورة مثل الاتصال والمعلوماتية، والمشروعات الصناعية التي تلعب دورا هاما في توثيق وتعزيز التكامل بين دول المجلس، إضافة إلى انتقاء مشروعات صناعية توطن في الدول الخليجية الأقل نموا.