30 أكتوبر 2025

تسجيل

المسؤولية وضوابطها في الإسلام (2)

10 يوليو 2015

شروط المسؤولية: ويشترط لإناطة المسؤولية بالإنسان الشروط التالية:أولاً: الأهليـة الشخصيـة:يشترط أن يكون المسؤول إنسانًا حيًا مؤهلاً، ويقصد بالأهلية الصلاحية، أي صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه وتحمله له، وتنقسم الأهلية الشخصية في الشرع إلى قسمين: 1-أهليـة وجوب: وهي ناحية اعتبارية، متى توفرت كان الإنسان مؤهلاً لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه في الشرع، أو لكسب الحقوق وتحمل الواجبات في القانون.2-أهليـة أداء: وهي ناحية شخصية، يكون بها قادرًا على أداء الحقوق المشروعة له وعليه، وهي مرحلة البلوغ والعقل، فإن الإنسان يصبح قادرًا بهما على فهم الخطاب والعمل به.وفي حدود حرية الاختيار واستطاعته لتنفيذ المختار أصبح الإنسان أهلاً لتحمل المسؤولية، وتميز بذلك عن باقي المخلوقات الأخرى التي لا تملك حرية الاختيار. فالإنسان يصنع آلافًا مختلفة من الأجهزة العملية والأطعمة والمساكن، ولهذا فإن الإنسان لهذه الإمكانية أكبر وأقوى من جميع المخلوقات، وبذلك فقد تحمل أكبر المسؤولية التي خافت منها {السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولاً}(الأحزاب/72). والأمانة هي كل الواجبات التي يجب على الإنسان أن يقوم بأدائها نحو الله ونحو الناس بحكم تلك الإمكانيات من الحرية والقدرة، لكن الإنسان ظلم نفسه عندما خان الأمانة وتعدى الحدود التي رسمها الله. قال تعالى: {تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون} (البقرة/229)..وإذا ثبت أن لدى الإنسان أهلية للقيام بمثل هذه المسؤولية، فلا ينبغي أن يؤدي ذلك إلى الشعور بالحمل الثقيل عليه، وأن هذه المسؤولية بلاء وعذاب لأن الله لم يفرض ذلك ليشقى الإنسان في هذه الحياة، قال تعالى: {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى تنزيلاً ممن خلق الأرض والسموات العلى}.(طه/1 :4) {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج، ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} (المائدة/6).{يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} (البقرة/158).وبهذا التكريم الذي يميز الله به صاحب النفس المسؤولة من عقل وقدرة على اختيار الأصلح، أصبح أهلاً للتكليف، وأهلاً لتحمل المسؤولية ثم أهلاً للمثوبة والعقوبة، والمسؤولية تقتضي العدل، فمن أحسن فلها، ومن أساء فعليها...ثانيًا: العلم بالحكم الخلقيويعود هذا الشرط في الشرع إلى شرط أعم منه، هو بلوغ دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الإنسان البالغ العاقل، لكون هذه الدعوة مخبرة بالتكاليف الخلقية، وملزمة لمن بلغته بالعمل بها، ومقتضية مؤاخذة من خالفها، ويدل على هذا:1-إنّ الله أمر نبيه بالتبليغ، فقال تعالى: {يا أيها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربك}(المائدة/67).2-إن الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم والدخول في طاعته واجب إلى قيام الساعة.. 3-إن المؤاخذة لا تكون إلا بعد علم ومعرفة، قال تعالى: {ذلك إن لم يكن ربك مهلك القرى بظلمٍ وأهلها غافلون}.(الأنعام/131)يقصد به علم التكليف إلا بعد العلم المسبق بالحكم، ويأتي هذا العلم عن طريق داخلي من خلال الملكات الفطرية لدى كل إنسان، أو عن طريق خارجي ممثلاً بالوحي والنصوص الشرعية.